هَذِهِ الْآيَاتُ السَّبْعُ بَيَانٌ لِحَالِ كُلِّ فَرِيقٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ الْمُدْمَجَيْنِ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهُنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِالْقُرْآنِ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِهِ، مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَمَا يَكُونُونَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، وَبَدَأَ بِوَصْفِ الْأَوَّلِ فَقَالَ :
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا) أَيْ لَا أَحَدَ أَظْلَمُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا فِي وَحْيِهِ وَأَقْوَالِهِ، أَوْ أَحْكَامِهِ أَوْ صِفَاتِهِ أَوْ أَفْعَالِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي الْأَنْعَامِ (١) وَالْأَعْرَافِ (٢) وَيُونُسَ (٣) وَسَيَأْتِي فِي الْكَهْفِ وَالْعَنْكَبُوتِ وَالصَّفِّ، وَيُفَسَّرُ الِافْتِرَاءُ فِي كُلِّ آيَةٍ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، وَأَظْهَرُهُ هُنَا اتِّخَاذُ الشُّرَكَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالشُّفَعَاءِ لَهُ بِدُونِ إِذْنِهِ، وَزَعَمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ اتَّخَذَ لَهُ وَلَدًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ كَالْعَرَبِ الَّذِينَ قَالُوا : الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللهِ، وَالْوَثَنِيِّينَ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّ كُرُشَنَا ابْنُ اللهِ، وَالنَّصَارَى الَّذِينَ قَالُوا : الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَكَذَا مَنِ افْتَرَى عَلَيْهِ بِتَكْذِيبِ مَا جَاءَ بِهِ رُسُلُهُ مِنْ دِينِهِ، لِصَدِّهِمُ النَّاسَ عَنْ سَبِيلِهِ (أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ) يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمُحَاسَبَتِهِمْ، وَتُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُهُمْ وَأَقْوَالُهُمْ (وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ)