وَأَمْثَالُهُمْ مُشَاهَدُونَ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، أَعْطَى رَجُلٌ مُؤْمِنٌ رَجُلًا مُتَفَرْنِجًا مِنْهُمْ كِتَابَ (الْوَحْيِ الْمُحَمَّدِيِّ) الَّذِي شَهِدَ لَهُ مَنْ قَرَأَهُ مِنْ طَبَقَاتِ النَّاسِ الْمُخْتَلِفَةِ بِطَلَاوَةِ عِبَارَتِهِ
وَحُسْنِ بَيَانِهِ، وَمُوَافَقَةِ أُسْلُوبِهِ وَتَرْتِيبِهِ وَتَبْوِيبِهِ لِذَوْقِ هَذَا الْعَصْرِ، ثُمَّ سَأَلَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ : كَيْفَ رَآهُ ؟ ظَانًّا أَنَّهُ قَرَأَهُ كُلَّهُ بِشَغَفٍ وَأَنَّهُ سَيَشْكُرُ لَهُ هَدِيَّتَهُ، فَقَالَ : إِنَّنِي لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَقْرَأَ مِنْهُ صَفْحَةً وَاحِدَةً، وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ يَقْرَأُ كُتُبَ أَشْهَرِ الْمَلَاحِدَةِ الطَّاعِنِينَ فِي الْقُرْآنِ بِلَذَّةٍ وَرَغْبَةٍ كَمَا يَقْرَأُ الْقِصَصَ (الرِّوَايَاتِ) الْغَرَامِيَّةَ ! ! ! !
(أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) أَيْ أُولَئِكَ الْمَوْصُوفُونَ بِمَا تَقَدَّمَ هُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِافْتِرَائِهِمْ عَلَى اللهِ، وَاشْتِرَاءِ الضَّلَالَةِ بِالْهُدَى، فَإِنَّهُمْ دَسُّوهَا وَمَا زَكَّوْهَا فِي الدُّنْيَا فَفَقَدُوهَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَيُّ وُجُودٍ لِمَنْ يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى، فَلَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا (وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) مِنَ اتِّخَاذِ الشُّفَعَاءِ عِنْدَ اللهِ، وَالْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ يُقَرِّبُونَهُمْ إِلَيْهِ زُلْفَى، وَقَدْ سَبَقَ بِهَذَا الْمَعْنَى مِنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ فِي سِيَاقِ نِدَاءِ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ :(فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ) (٧ : ٤٤ و٤٥).