أصلُ الكلامِ : كأن الرَّطْبَ من قلوب الطير : العُنَّابُ، واليابسَ منها : الحَشَفُ، فلفَّ ونشر، واللف والنشر في علم البيان تقسيمٌ كبير، ليس هذا موضعَه.
وأشار بقوله " الصابح فالغانم " إلى قوله :

٢٦٥٣ يا ويحَ زَيَّابَةَ للحارثِ ال صابحِ فالغانم فالآئِبِ
وقد تقدَّم ذلك أولَ البقرة وتحريرُه.
فإن قلت : لِمَ قَدَّم تشبيهَ الكافر على المؤمن؟ أجيب بأن المتقدِّمَ ذِكْرُ الكفار فلذلك قدَّم تمثيلهم. فإن قيل : ما الحكمةُ في العدولِ عن هذا التركيب لو قيل : كالأعمى والبصير والأصم والسميع لتتقابلَ كلُّ لفظةٍ مع ضدها، ويظهرَ بذلك التضادُّ؟ أجيب : بأنه تعالى لمَّا ذكر انسدادَ العين أتبعه بانسداد الأذن، ولمَّا ذكر انفتاح العين أتبعه بانفتاح الأذن، وهذا التشبيهُ أحدُ الأقسامِ وهو تشبيهُ أمرٍ معقول بأمرٍ محسوس : وذلك أنه شبَّه عمى البصيرة وصَمَمها بعمى البصر وصمم السمع، ذاك متردِّدٌ في ظُلَم الضلالات، كما أن هذا متحيِّز في الطرقات. وهذه فوائد علم البيان.
قوله :﴿ مَثَلاً ﴾ تمييز، وهو منقولٌ من الفاعلية، والأصل : هل يَسْتوي مَثَلُهما، كقوله تعالى :﴿ واشتعل الرأس شَيْباً ﴾ [ مريم : ٤ ]. وجوَّز ابنُ عطية رحمه اللَّه أن يكون حالاً، وفيه بَعْدٌ صناعةً ومعنى ؛ لأنه على معنى " مِنْ " لا على معنى " في ". أ هـ ﴿الدر المصون حـ ٦ صـ ٣٠٥ ـ ٣٠٨﴾


الصفحة التالية
Icon