اعلم أن معنى افتراه اختلقه وافتعله وجاء به من عند نفسه، والهاء ترجع إلى الوحي الذي بلغه إليهم، وقوله :﴿فَعَلَىَّ إِجْرَامِى﴾ الإجرام اقتراح المحظورات واكتسابها، وهذا من باب حذف المضاف، لأن المعنى : فعليَّ عقاب إجرامي، وفي الآية محذوف آخر وهو أن المعنى : إن كنت افتريته فعليَّ عقاب جرمي، وإن كنت صادقاً وكذبتموني فعليكم عقاب ذلك التكذيب، إلا أنه حذف هذه البقية لدلالة الكلام عليه، كقوله :﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءانَاء الليل﴾ [ الزمر : ٩ ] ولم يذكر البقية، وقوله :﴿وَأَنَاْ بَرِىء مّمَّا تُجْرَمُونَ﴾ أي أنا بريء من عقاب جرمكم، وأكثر المفسرين على أن هذا من بقية كلام نوح عليه السلام، وهذه الآية وقعت في قصة محمد ﷺ في أثناء حكاية نوح، وقولهم بعيد جداً، وأيضاً قوله :﴿قُلْ إِنْ افتريته فَعَلَىَّ إِجْرَامِى﴾ لا يدل على أنه كان شاكاً، إلا أنه قول يقال على وجه الإنكار عند اليأس من القبول. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٧ صـ ١٧٢ ـ ١٧٦﴾