والقط فأقبلا على الفأر فأكلاه.
قوله سبحانه وتعالى :﴿ وكلما مر عليه ملأ من قومه ﴾ أي جماعة من قومه ﴿ سخروا منه ﴾ يعني استهزؤوا به وذلك أنهم قالوا إن هذا الذي كان يزعم أنه نبي قد صار نجاراً وقيل قالوا يا نوح ماذا تصنع قال أصنع بيتاً يمشي على الماء فضحكوا منه ﴿ قال ﴾ يعني نوحاً لقومه ﴿ إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ يعني إن تستجهلونا في صنعنا فإنا نستجهلكم لتعرضكم لما يوجب سخط الله وعذابه، فإن قلت السخرية لا تليق بمنصب النبوة فكيف قال نوح عليه السلام إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون.
قلت إنما سمي هذا لفعل سخرية على سبيل الازدوج في مشاكلة الكلام كما في قوله سبحانه وتعالى :﴿ وجزاء سيئة سيئة مثلها ﴾ والمعنى إنا نرى غب سخريتكم بنا إذا نزل بكم العذاب.
قوله تعالى :﴿ فسوف تعلمون ﴾
يعني فسترون ﴿ من يأتيه ﴾ يعني أينا يأتيه نحن أو أنتم ﴿ عذاب يخزيه ﴾ يعني يهينه ﴿ ويحل عليه عذاب مقيم ﴾ يعني في الآخرة فالمراد بالعذاب الأول عذاب الدنيا وهو الغرق والمراد بالعذاب الثاني عذاب الآخرة وعذاب النار الذي لا انقطاع له.
وقوله :﴿ حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور ﴾ يعني وغلى والفور الغليان وفارت القدر إذا غلت.


الصفحة التالية
Icon