﴿ حتى إِذَا جَاء أَمْرُنَا ﴾ حتى هي التي يُبتدأ بها الكلامُ دخلت على الجملة الشرطيةِ وهي مع ذلك غايةٌ لقوله :﴿ وَيَصْنَعُ ﴾ وما بينهما حالٌ من الضمير فيه، وسخِروا منه جوابٌ لكلما، وقال استئنافٌ على تقدير سؤال سائلٍ كما ذكرناه وقيل : هو الجوابُ وسِخروا منه بدلٌ من مرّ أو صفةٌ لملأ وقد عرفت أن الحقَّ هو الأولُ لأن المقصودَ بيانُ تناهيهم في إيذائه عليه الصلاة والسلام وتحمُّلِه لأذيَّتهم لا مسارعتُه عليه الصلاة والسلام إلى جوابهم كلما وقع منهم ما يؤذيه من الكلام ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ نبعَ منه الماءُ وارتفع بشدة كما تفور القِدْرُ بغَليانها، والتنّورُ تنّورُ الخبز، وهو قول الجمهور. روي أنه قيل لنوح عليه الصلاة والسلام : إذا رأيتَ الماءَ يفورُ من التنور فاركبْ ومن معك في السفينة فلما نبع الماءُ أخبرتْه امرأتُه فركب، وقيل : كان تنورَ آدمَ عليه الصلاة والسلام وكان من حجارة فصار إلى نوح، وإنما نبع منه وهو أبعدُ شيء من الماء على خرق العادةِ وكان في الكوفة في موضع مسجدها عن يمين الداخلِ مما يلي باب كِنْدة، وكان عملُ السفينةِ في ذلك الموضع، أو في الهند أو في موضع بالشام يقال له عين وردة، وعن ابن عباس رضى الله عنهما وعِكرمةَ والزُّهري أن التنورَ وجهُ الأرض، وعن قتادةَ أشرفُ موضع في الأرض أي أعلاه، وعن علي رضى الله تعالى عنه فار التنور طلع الفجرُ ﴿ قُلْنَا احمل فِيهَا ﴾ أي في السفينة وهو جوابُ إذا ﴿ مِن كُلّ ﴾ أي من كل نوعٍ لا بد منه في الأرض ﴿ زَوْجَيْنِ ﴾ الزوجُ ما له مشاكلٌ من نوعه فالذكرُ زوجٌ للأنثى كما هي زوجٌ له وقد يُطلق على مجموعهما فيقابل الفرد، ولإزالة ذلك الاحتمالِ قيل :﴿ اثنين ﴾ كلٌّ منهما زوجٌ للآخر وقرىء على الإضافة، وإنما قُدم ذلك على أهله وسائرِ المؤمنين لكونه عريقاً فيما أُمر به من الحمل لأنه يحتاج إلى مزاولة الأعمالِ منه عليه الصلاة والسلام في تمييز بعضِه