وفي الآخرة عند الحرق، قال الطبرسي : إن المراد من نسخر منكم على هذا نجازيكم على سخريتكم أو نشمت بكم عند غرقكم وحرقكم، وفيه خفاء، هذا وجوز أن يكون عامل ﴿ كُلَّمَا ﴾ قال، وهو الجواب، وجملة ﴿ سَخِرُواْ ﴾ صفة لملأ أو بدل من ﴿ مَرَّ ﴾ بدل اشتمال ون مرورهم للسخرية فلا يضركون السخرية ليست بمعنى المرور ولا نوعاً منه، وأبو حيان جعل ذلك مبعداً للبدلية وليس بذلك، ويلزم على هذا التجويز استمرار هذا القول منه عليه السلام وهو ظاهر، وعلى الاعراب قيل : لا استمرار وإنما أجابهم به في بعض المرات، ورجح بأن المقصود بيان تناهيهم في إيذائه عليه السلام وتحمله لأذيتهم لا مسارعته عليه السلام إلى الجواب ﴿ كُلَّمَا ﴾ وقع منهم ما يؤذيه من الكلام، وقد يقال : إن في ذلك إشارة إلى أنه عليه السلام بعد أن يئس من إيمانهم لم يبال باغضابهم ولذا هددهم التهديد البليغ
﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ ﴾
أي يفضحه.
أو يذله أو يهلكه، وهي أقوال متقاربة، والمراد بذلك العذاب الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ ﴾ حلول الدين المؤجل ﴿ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾ أي دائم وهو عذاب النار، و﴿ مِنْ ﴾ عبارة عنهم، وهي موصولة في محل نصب مفعول للعلم، وهو بمعنى المعرفة فيتعدى إلى واحد.
وجوز ابن عطية أن يراد العلم المتعدي إلى مفعولين لكنه اقتصر على واحد، وتعقبه في البحر بأنه لا يجوز حذف الثاني اقتصاراً لأن أصله خبر مبتدأ، ولا اختصاراً هنا لأنه لا دليل على حذفه.