وحكى الزهراوي أنه الذي قطع عنه اللبن حتى كاد يهلك، أو لما يهلك بعد.
قال ابن الأنباري : وكون معنى يغويكم يهلككم قول مرغوب عنه، وأنكر مكي أن يكون الغوي بمعنى الهلاك موجوداً في لسان العرب، وهو محجوج بنقل الفراء وغيره.
وإذا كان معنى يغويكم يهلككم، فلا حجة فيه لا لمعتزلي ولا لسني، بل الحجة من غير هذا، ومعناه : أنكم إذا كنتم من التصميم على الكفر فالمنزلة التي لا تنفعكم نصائح الله ومواعظه وسائر ألطافه، كيف ينفعكم نصحي؟ وفي قوله : هو ربكم، تنبيه على المعرفة بالخالق، وأنه الناظر في مصالحكم، إن شاء أن يغويكم، وإن شاء أن يهديكم.
وفي قوله : وإليه ترجعون، وعيد وتخويف.
﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥) ﴾
قيل : هذه الآية اعترضت في قصة نوح، والإخبار فيها عن قريش.
يقولون ذلك لرسول الله ( ﷺ ) أي : افترى القرآن، وافترى هذا الحديث عن نوح وقومه، ولو صح ذلك بسند صحيح لوقف عنده، ولكن الظاهر أن الضمير في يقولون عائد على قوم نوح، أي : بل أيقولون افترى ما أخبرهم به من دين الله وعقاب من أعرض عنه، فقال عليه السلام قل : إن افتريته فعليّ إثم إجرامي، والإجرام مصدر أجرم، ويقال : أجر وهو الكثير، وجرم بمعنى.
ومنه قول الشاعر :
طريد عشيرة ورهين ذنب...
بما جرمت يدي وجنى لساني
وقرىء أجرامي بفتح الهمزة جمع جرم، ذكره النحاس، وفسر بآثامي.
ومعنى مما تجرمون من إجرامكم في إسناد الافتراء إليّ، وقيل : مما تجرمون من الكفر والتكذيب. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٥ صـ ﴾