وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ وَأوحِيَ إِلَى نُوحٍ أنه لن يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ ﴾
حقق الله تعالى استدامة كفرهم تحقيقاً لنزول الوعيد بهم، قال الضحاك، فدعا عليهم لما أُخبر بهذا فقال :﴿ ربِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ ديَّاراً. إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً ﴾ [ نوح : ٢٧ : ٢٦ ].
﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : فلا تأسف ومنه قول يزيد بن عبد المدان :
فارسُ الخيل إذا ما ولولت... ربّهُ الخِدر بصوتٍ مبتئس
الثاني : فلا تحزن، ومنه قول الشاعر :
وكم من خليلٍ او حميم رُزئته... فلم أبتئس والرزءُ فيه جَليلُ
والأبتئاس : الحزن في استكانة، وأصله من البؤس، وفي ذلك وجهان :
أحدهما : فلا تحزن لهلاكهم.
الثاني : فلا تحزن لكفرهم المفضي إلى هلاكهم.
قوله عز وجل :﴿ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدهما : بحيث نراك، فعبر عن الرؤية بالأعين لأن بها تكون الرؤية.
الثاني : بحفظنا إياك حفظ من يراك.
الثالث : بأعين أوليائنا من الملائكة.
ويحتمل وجهاً رابعاً : بمعونتنا لك على صنعها. ﴿ وَوَحْيِنَا ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : وأمرنا لك أن تصنعها.
الثاني : تعليمنا لك كيف تصنعها.
﴿ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظلَمُواْ إِنَّهُمْ مُغْرَقونَ ﴾ نهاه الله عن المراجعة فيهم فاحتمل نهيه أمرين :
أحدهما : ليصرفه عن سؤال ما لا يجاب إليه.
الثاني : ليصرف عنه مأثم الممالأة للطغاة. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon