(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا) هَذَا بَيَانٌ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ مِمَّا ذَكَرَ قَبْلَهُ مِنَ الِاسْتِعْدَادِ لِهَلَاكِ قَوْمِ نُوحٍ، أَيْ : وَكَانَ يَصْنَعُ الْفُلْكَ كَمَا أُمِرَ، وَيُقَابِلُ السُّخْرِيَةَ بِغَيْرِ ابْتِئَاسٍ وَلَا ضَجَرٍ، حَتَّى إِذَا جَاءَ وَقْتُ أَمْرِنَا بِهَلَاكِهِمْ (وَفَارَ التَّنُّورُ) اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ - تَعَالَى -، فَهُوَ مَجَازٌ كَحَمِيَ الْوَطِيسُ، أَوْ فَارَ الْمَاءُ مِنَ التَّنُّورِ عِنْدَ نُوحٍ ؛ لِأَنَّهُ بَدَأَ يَنْبُعُ مِنَ الْأَرْضِ. وَالتَّنُّورُ الَّذِي يُخْبَزُ فِيهِ الْخَبْزُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَرَبِ. قِيلَ : إِنَّ التَّاءَ أَصْلِيَّةٌ فِيهِ، وَقِيلَ : زَائِدَةٌ، وَقَدِ اتَّفَقَتْ فِيهِ لُغَةُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، وَقِيلَ : أَوَّلُ مَنْ صَنَعَهُ حَوَّاءُ أُمُّ الْبَشَرِ وَأَنَّ تَنُّورَهَا بَقِيَ إِلَى زَمَنِ نُوحٍ، وَأَنَّهُ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَهَذَا مِمَّا لَا يُوثَقُ بِهِ، وَالْفَوْرُ وَالْفَوَرَانُ ضَرْبٌ مِنَ الْحَرَكَةِ وَالِارْتِفَاعِ الْقَوِيِّ، يُقَالُ فِي الْمَاءِ إِذَا نَبَعَ وَجَرَى، وَإِذَا غَلَا وَارْتَفَعَ، قَالَ فِي الْأَسَاسِ : فَارَتِ الْقِدْرُ، وَفَارَتْ فَوْرَاتُهَا، وَعَيْنٌ فَوَّارَةٌ فِي أَرْضٍ خَوَّارَةٍ، وَفَارَ الْمَاءُ مِنَ الْعَيْنِ. وَمِنَ الْمَجَازِ : فَارَ الْغَضَبُ، وَأَخَافُ أَنْ تَفُورَ عَلَيَّ، وَقَالَ ذَلِكَ فِي فَوْرَةِ الْغَضَبِ اهـ. وَقَالَ الرَّاغِبُ فِي مُفْرَدَاتِ الْقُرْآنِ : الْفَوْرُ شِدَّةُ الْغَلَيَانِ، وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي النَّارِ نَفْسِهَا إِذَا هَاجَتْ، وَفِي الْقَدْرِ وَفِي