وقد أطبق علماء البلاغة على أن هذه الآية الشريفة بالغة من الفصاحة والبلاغة إلى محل يتقاصر عنه الوصف، وتضعف عن الإتيان بما يقاربه قدرة القادرين على فنون البلاغة، الثابتين الأقدام في علم البيان، الراسخين في علم اللغة، المطلعين على ما هو مدوّن من خطب مصاقع خطباء العرب، وأشعار بواقع شعرائهم، المرتاضين بدقائق علوم العربية وأسرارها.
وقد تعرّض لبيان بعض ما اشتملت عليه من ذلك جماعة منهم، فأطالوا وأطابوا، رحمنا الله وإياهم برحمته الواسعة.
وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ فَعَلَىَّ إِجْرَامِى ﴾ قال عملي ﴿ وَأَنَاْ بَرِىء مّمَّا تُجْرَمُونَ ﴾ أي : مما تعملون.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَأُوحِىَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ ءامَنَ ﴾ وذلك حين دعا عليهم نوح قال :" لا تَذَكَّرَ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً " [ نوح : ٢٦ ].
وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال : إن نوحاً لم يدع على قومه حتى نزلت الآية هذه، فانقطع عند ذلك رجاؤه منهم، فدعا عليهم.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي، عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر.


الصفحة التالية
Icon