قال ابن عباس : كانت دار نوح عليه السلام دمشق، وأنشأ سفينته من خشب لبنان بين زمزم وبين الركن والمقام، فلما كملت حمل فيها السباع والدواب في الباب الأوّل، وجعل الوحش والطير في الباب الثاني، وأطبق عليهما، وجعل أولاد آدم أربعين رجلاً وأربعين امرأة في الباب الأعلى وأطبق عليهم، وجعل الذّر معه في الباب الأعلى لضعفها ألا تطأها الدوابّ.
قال الزُّهريّ : إن الله عز وجل بعث ريحاً فحمل إليه من كل زوجين اثنين ؛ من السباع والطير والوحش والبهائم.
وقال جعفر بن محمد : بعث الله جبريل فحشرهم، فجعل يضرب بيديه على الزوجين فتقع يده اليمنى على الذكر واليسرى على الأنثى، فيدخله السفينة.
وقال زيد بن ثابت : استصعبت على نوح الماعزة أن تدخل السفينة، فدفعها بيده في ذنبها ؛ فمن ثَم انكسر ذنبها فصار مَعْقوفاً وبدا حَياؤها.
ومضت النعجة حتى دخلت فمسح على ذنبها فستر حياؤها ؛ قال إسحق : أخبرنا رجل من أهل العلم أن نوحاً حمل أهل السفينة، وجعل فيها من كل زوجين اثنين، وحمل من الهدهد زوجين، فماتت الهدهدة في السفينة قبل أن تظهر الأرض، فحملها الهدهد فطاف بها الدنيا ليصيب لها مكاناً، فلم يجد طيناً ولا تراباً، فرحمه ربه فحفر لها في قفاه قبراً فدفنها فيه، فذلك الريش الناتىء في قفا الهدهد موضع القبر ؛ فلذلك نتأت أقفية الهداهد.
وقال رسول الله ﷺ :" كان حمل نوح معه في السفينة من جميع الشجر وكانت العجوة من الجنة مع نوح في السفينة ".
وذكر صاحب كتاب "العروس" وغيره : أن نوحاً عليه السلام لما أراد أن يبعث من يأتيه بخبر الأرض قال الزّجاج : أنا ؛ فأخذها وختم على جناحها وقال لها : أنت مختومة بخاتمي لا تطيري أبداً، أنت ينتفع بك أمتي ؛ فبعث الغراب فأصاب جيفة فوقع عليها فاحتبس فلعنه، ولذلك يقتل في ( الحل ) والحَرَم ودعا عليه بالخوف ؛ فلذلك لا يألف البيوت.