وقال أبو حيان :
﴿ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ ﴾
البلع : معروف، والفعل منه بلع بكسر اللام وبفتحها لغتان حكاهما الكسائي والفراء، يبلع بلعاً، والبالوعة الموضع الذي يشرب الماء.
الإقلاع : الإمساك، يقال : أقلع المطر، وأقلعت الحمى، أي أمسكت عن المحموم.
وقيل : أقلع عن الشيء تركه، وهو قريب من الإمساك.
غاض الماء نقص في نفسه، وغضته نقصته، جاء لازماً ومتعدياً.
الجودي : علم لجبل بالموصل، ومن قال بالجزيرة أو بآمد، فلأنهما قريبان من الموصل.
وقيل الجودي : اسم لكل جبل، ومنه قول زيد بن عمرو بن نفيل :
سبحانه ثم سبحانا نعوذ له...
وقبلنا سبح الجودي والجمد
﴿ وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين.
قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين.
قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ﴾
: قال الزمخشري : نادى الأرض والسماء بما ينادي به الإنسان المميز على لفظ التخصيص، والإقبال عليهما بالخطاب من بين سائر المخلوقات وهو قوله : يا أرض ويا سماء، ثم أمرهما بما يؤمر به أهل التمييز والعقل من قوله : ابلعي ماءك وأقلعي، من الدلالة على الاقتدار العظيم، وأنّ السموات والأرض وهذه الأجرام العظام منقادة لتكوينه فيها ما يشاء، غير ممتنعة عليه كأنها عقلاء مميزون، قد عرفوا عظمته وجلاله وثوابه وعقابه، وقدرته على كل مقدور، وتبينوا تحتم طاعته عليهم وانقيادهم له، وهم يهابونه ويفرعون من التوقف دون الامتثال له والنزول عن مشيئته على الفور من غير ريب.
فكما يرد عليهم أمره كان المأمور به مفعولاً لا حبس ولا بطء.


الصفحة التالية
Icon