فصل


قال الفخر :
﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا ﴾
واعلم أنه تعالى لما شرح قصة نوح عليه السلام على التفصيل قال :﴿تِلْكَ﴾ أي تلك الآيات التي ذكرناها، وتلك التفاصيل التي شرحناها من أنباء الغيب، أي من الأخبار التي كانت غائبة عن الخلق فقوله :﴿تِلْكَ﴾ في محل الرفع على الابتداء، و ﴿مِنْ أَنبَاء الغيب﴾ الخبر و ﴿نُوحِيهَا إِلَيْكَ﴾ خبر ثان وما بعده أيضاً خبر ثالث.
ثم قال تعالى :﴿مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ﴾ والمعنى : أنك ما كنت تعرف هذه القصة، بل قومك ما كانوا يعرفونها أيضاً، ونظيره أن تقول لإنسان لا تعرف هذه المسألة لا أنت ولا أهل بلدك.
فإن قيل : أليس قد كانت قصة طوفان نوح عليه السلام مشهورة عند أهل العلم ؟
قلنا : تلك القصة بحسب الإجمال كانت مشهورة، أما التفاصيل المذكورة فما كانت معلومة.
ثم قال :﴿فاصبر إِنَّ العاقبة لِلْمُتَّقِينَ﴾ والمعنى : يا محمد اصبر أنت وقومك على أذى هؤلاء الكفار كما صبر نوح وقومه على أذى أولئك الكفار، وفيه تنبيه على أن الصبر عاقبته النصر والظفر والفرح والسرور كما كان لنوح عليه السلام ولقومه.
فإن قال قائل : إنه تعالى ذكر هذه القصة في سورة يونس ثم إنه أعادها ههنا مرة أخرى، فما الفائدة في هذا التكرير ؟


الصفحة التالية
Icon