وفي مصحف ابن مسعود من قبل هذا القرآن ويحتمل أن يكون حالاً من الهاء في ﴿ نُوحِيهَا ﴾ أو الكاف من ﴿ إِلَيْكَ ﴾ أي غير عالم أنت ولا قومك بها، وذكر القوم معه ﷺ من باب الترقي كما تقول : هذا الأمر لا يعلمه زيد ولا أهل بلده لأنهم مع كثرتهم إذا لم يعلموا ذلك فكيف يعلمه واحد منهم، وقد علم أنه لم يخالط غيرهم.
﴿ فاصبر ﴾ متفرع على الإيحاء أو على العلم المستفاد منه المدلول عليه بما تقدم ﴿ مّن قَبْلِ هذا ﴾ أي وإذ قد أوحيناها إليك أو علمتها بذلك فاصبر على مشاق تبليغ الرسالة وأذية قومك كما صبر نوح عليه السلام على ما سمعته من أنواع البلايا في هذه المدة المتطاولة، قيل : وهذا ناظر إلى ما سبق من قوله سبحانه :﴿ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يوحى إِلَيْكَ ﴾ [ هود : ١٢ ] الخ ﴿ إِنَّ العاقبة ﴾ بالظفر في الدنيا وبالفوز بالآخرة ﴿ لّلْمُتَّقِينَ ﴾ كما سمعت ذلك في نوح عليه السلام وقومه، قيل : وهو تعليل للأمر بالصبر وتسلية له ﷺ، والمراد بالتقوى الدرجة الأولى منها، وجوز أن يراد بها الدرجة الثالثة وهي بذلك المعنى منطوية على الصبر فكأنه قيل : فاصبر فإن العاقبة للصابرين، وقيل : الآية فذلكة لما تقدم وبيان للحكمة في إيحاء ذلك من إرشاده ﷺ وتهديد قومه المكذبين له والله تعالى أعلم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٢ صـ ﴾