الثاني : أن يكون المراد أنه ذو عمل باطل، فحذف المضاف لدلالة الكلام عليه.
الثالث : قال بعضهم معنى قوله :﴿إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالح﴾ أي إنه ولد زنا وهذا القول باطل قطعاً.
ثم إنه تعالى قال لنوح عليه السلام :﴿فَلاَ تَسْأَلْنى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنّى أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين﴾ وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
احتج بهذه الآية من قدح في عصمة الأنبياء عليهم السلام من وجوه :
الوجه الأول : أن قراءة عمل بالرفع والتنوين قراءة متواترة فهي محكمة، وهذا يقتضي عود الضمير في قوله :﴿إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالح﴾ إما إلى ابن نوح وإما إلى ذلك السؤال، فالقول بأنه عائد إلى ابن نوح لا يتم إلا بإضمار وهو خلاف الظاهر.
ولا يجوز المصير إليه إلا عند الضرورة ولا ضرورة ههنا، لأنا إذا حكمنا بعود الضمير إلى السؤال المتقدم فقد استغنينا عن هذا الضمير، فثبت أن هذا الضمير عائد إلى هذا السؤال، فكان التقدير أن هذا السؤال عمل غير صالح، أي قولك : إن ابني من أهلي لطلب نجاته عمل غير صالح، وذلك يدل على أن هذا السؤال كان ذنباً ومعصية.
الوجه الثاني : أن قوله :﴿فَلاَ تَسْأَلْنى﴾ نهي له عن السؤال، والمذكور السابق هو قوله ﴿إِنَّ ابنى مِنْ أَهْلِى﴾ فدل هذا على أنه تعالى نهاه عن ذلك السؤال فكان ذلك السؤال ذنباً ومعصية.
الوجه الثالث : أن قوله :﴿فَلاَ تَسْأَلْنى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ يدل على أن ذلك السؤال كان قد صدر لا عن العلم، والقول بغير العلم ذنب لقوله تعالى :﴿وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [ البقرة : ١٦٩ ].
الوجه الرابع : أن قوله تعالى :﴿إِنّى أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين﴾ يدل على أن ذلك السؤال كان محض الجهل.
وهذا يدل على غاية التقريع ونهاية الزجر، وأيضاً جعل الجهل كناية عن الذنب مشهور في القرآن.


الصفحة التالية
Icon