وقال صاحب المنار فى الآيات السابقة :
قِصَّةُ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ
تَقَدَّمَتْ قِصَّتُهُ فِي ثَمَانِي آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ، وَهِيَ هُنَا فِي إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا سِيَاقٌ وَأُسْلُوبٌ وَنَظْمٌ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنَ الْعِلْمِ وَالْعِبْرَةِ وَالْمَوْعِظَةِ مَا لَيْسَ فِي الْأُخْرَى، وَسَتَأْتِي فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ بِأُسْلُوبٍ وَنَظْمٍ وَسِيَاقٍ آخَرَ، وَكَذَا فِي سُورَتَيِ :(الْمُؤْمِنُونَ) وَ (الْأَحْقَافِ) بِدُونِ ذِكْرِ اسْمِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَذُكِرَ عِقَابُ قَوْمِهِ (عَادٍ) فِي سُوَرِ : فُصِّلَتْ وَالذَّارِيَاتِ وَالْقَمَرِ وَالْحَاقَّةِ وَالْفَجْرِ.
وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِهَا مِنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنَ الرِّوَايَاتِ الْمَأْثُورَةِ، وَمِنْهَا أَنَّ هُودًا أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، فَهُوَ أَوَّلُ رَسُولٍ لِأَوَّلِ أُمَّةٍ مِنْ وَلَدِ سَامِ بْنِ نُوحٍ الْأَبِ الثَّانِي لِلْبَشَرِ، وَبِهَذَا يَكُونُ أَوَّلُ رَسُولٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ عَرَبِيًّا، وَآخِرُ رَسُولٍ وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ عَرَبِيًّا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ.