(يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا) تَقَدَّمَ مِثْلُهُ آنِفًا فِي قِصَّةِ نُوحٍ، وَالْمُرَادُ : إِنِّي نَاصِحٌ مُخْلِصٌ أَمِينٌ فِي هَذَا الَّذِي أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ، لَا أَسْأَلُكُمْ أَجْرًا فَتَتَّهِمُونِي بِطَلَبِ الْمَنْفَعَةِ لِنَفْسِي (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي) أَيْ : مَا أَجْرِي الَّذِي أَرْجُوهُ عَلَى تَبْلِيغِكُمْ إِيَّاهُ إِلَّا عَلَى اللهِ الَّذِي خَلَقَنِي عَلَى الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ مِنْ هَذِهِ الْبِدَعِ الْوَثَنِيَّةِ، الَّتِي ابْتَدَعَهَا قَوْمُ نُوحٍ بِتَصْوِيرِ الصَّالِحِينَ مِنْهُمْ لِحِفْظِ ذِكْرَاهُمْ، فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ تَعْظِيمَ صُوَرِهِمْ وَتَمَاثِيلِهِمْ فَعِبَادَتَهَا كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ :(أَفَلَا تَعْقِلُونَ) مَا يُقَالُ لَكُمْ فَتُمَيِّزُوا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالنَّافِعِ وَالضَّارِّ، وَأَنَّ الْأَخَ لَا يَغُشُّ إِخْوَتَهُ، وَلَا يُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِغَضَبِ قَوْمِهِ بِدَعْوَتِهِمْ إِلَى مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُ.