اللهِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ وَحْدَهُ إِذْ هُوَ رُبِّيَ وَرَبُّكُمْ، أَيْ : مَالِكُ أَمْرِي وَأُمُورِكُمُ، الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ :(مَا مِنْ دَابَّةٍ) تَدِبُّ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ (إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا) أَيْ : مُسَخِّرُهَا وَمُتَصَرِّفٌ فِيهَا، وَالتَّعْبِيرُ بِالْأَخْذِ بِالنَّاصِيَةِ - وَهُوَ مُقَدَّمُ شَعْرِ الرَّأْسِ - تَمْثِيلٌ لِتَصَرُّفِ الْقَهْرِ وَالْخُضُوعِ الَّذِي لَا مَهْرَبَ مِنْهُ وَلَا مَفَرَّ، وَتَقَدَّمَتِ الْجُمْلَةُ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ السَّادِسَةِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مِنْ سُورَةِ الْعَلَقِ :(كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْعَفًا بِالنَّاصِيَةِ) (٩٦ : ١٥) أَيْ : لَنَأْخُذَنَّ بِهَا أَخْذَ الْقَاهِرِ الْمُؤَدِّبِ. قَالَ فِي الْأَسَاسِ : وَسَفَعَ بِنَاصِيَةِ الْفَرَسِ لِيُلْجِمَهُ أَوْ يَرْكَبَهُ، وَسَفَعَ بِنَاصِيَةِ الرَّجُلِ لِيَلْطِمَهُ وَيُؤَدِّبَهُ اهـ. (إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) أَيْ : عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ، لَا يُسَلِّطُ أَهْلَ الْبَاطِلِ مِنْ أَعْدَائِهِ عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ مِنْ رُسُلِهِ وَمُتَّبِعِيهِمْ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، وَلَا يُضَيِّعُ حَقًّا، وَلَا يَفُوتُهُ ظَالِمٌ.


الصفحة التالية
Icon