أما الذين اتَّبعوا فلهم بعض العذر ؛ لأنهم اتَّبعوا بالجبروت والقهر، لا بالإقناع والبينة.
وانظر إلى القرآن الكريم حين يعالج هذه القضية، فيتحدث عن الفئة التي ضلت في ذاتها ويقول :
﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الكتاب إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ ﴾ [ البقرة : ٧٨ ].
ويتحدث الحق سبحانه بعد ذلك عن الفئة المضلة فيقول :
﴿ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكتاب بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ الله لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ﴾ [ البقرة : ٧٩ ].
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾
والزمان بالنسبة للخلق ثلاثة أقسام : حياتهم زمن أول، ومن لحظة الموت إلى أن تقوم الساعة زمن ثان وهو زمن البرزخ، وساعة يبعثون هي الزمن الثالث.
والحياة الأولى فيها العمل، وحياة البرزخ فيها عرض الجزاء، مجرد العرض، والحياة الثالثة هي الآخرة إما إلى الجنة وإما إلى النار.
يقول الحق سبحانه :
﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [ البقرة : ٢٨ ].
هذه هي الأزمنة الثلاثة حياة، وبرزخ، وبعث وكل وقت منها له ظرف.
ويعبر القرآن عن هذا، فيقول عن عذاب آل فرعون منذ أن أغرقهم الله سبحانه في البحر :
﴿ النار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة أدخلوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العذاب ﴾ [ غافر : ٤٦ ].
وفي هذا دليل على عرض الجزاء في البرزخ مصداقاً لقول رسول الله ﷺ " القبر إما روضة من رياض الجنة، وإما حفرة من حفر النار ".
إذن : فهنا زمنان : زمن عرضهم على النار غدوّاً وعشيّاً، وزمن دخولهم النار.


الصفحة التالية
Icon