قوله تعالى في قصة هود :( وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ) ( هود : ٦٠ )، وفي قصة موسى بعد من هذه السورة :( وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً ) ( هود : ٩٩ ) فجمع في قصة هود بين اسم الإشارة ولفظ الدنيا الجاري عليه وصفا، وأكتفي في قصة موسي باسم الإشارة دون التابع، فللسائل أن يسأل عن وجه ذلك؟ وهل كان يجوز عكس الوارد؟
والجواب عن ذلك : أن الوارد عليه كلا من الآيتين لا يحسن خلافه ولا يناسب، وذلك لوجهين : أحدهما أن قصة هود، عليه السلام، في هذه السورة أكثر استيفاء من قصة موسي عليه السلام، بكثير فناسب الطول الطول والإيجاز الإيجاز، ولا يليق العكس. والوجه الثاني أن قوله تعالى في قصة هود :( وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ) ( هود : ٦٠ )، وارد على الأصل من الجمع بين التابع نعتاً أو عطف بيان و بين متبوعه، وجاء في قصة موسى عليه السلام :( ( وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً ) على حذف الوصف للإكتفاء باسم الإشارة، وكل فصيح، فجيء بما هو في الأصل أولاً، ثم جيء ثانياً بما هو ثان عنه على ما ينبغي، ولا يحسن العكس لأن ذلك شبه التفسير وبابه أن يتقدم، فما يحذف يكون لما تقدم من ما يدل عليه ويحذف لما سيأتي بعد إلا في قليل نحو قوله : نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض، والرأي مختلف، وهذا الوجه كاف. والوجه الأول أنسب لراعي النظم، والله أعلم. أ هـ ﴿ملاك التأويل صـ ٢٥٧ ـ ٢٥٩﴾


الصفحة التالية
Icon