وقال الآخرون : كان ابنه ومن فصيلته، ومعنى قوله : إنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم، وقالوا : ما بغت امرأته ولا امرأة لوط وإنما كانت خيانتهما في الدين لا في الفراش، وذلك أن هذه كانت تخبر الناس أنه مجنون، وهذه كانت تدلّ على الأضياف، وهو قول ابن عباس وعكرمة والضحاك وسعيد بن جبير وميمون بن مهران.
قال أبو معاوية البجلي : قال رجل لسعيد بن جبير : قال نوح إن ابني من أهلي، أكان ابن نوح؟ فسبّح طويلا، وقال : لا إله إلاّ الله يحدث الله محمداً ﷺ انه ابنه وتقول ليس ابنه، كان ابنه ولكنه كان مخالفاً في النية والعمل والدين، فمن ثم قال تعالى : انه ليس من أهلك، وهذا القول أولى بالصواب وأليق بظاهر الكتاب.
فقال نوح ( عليه السلام ) عند ذلك ﴿ رَبِّ إني أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وترحمني أَكُن مِّنَ الخاسرين * قِيلَ يا نوح اهبط ﴾ انزل من السفينة إلى الأرض ﴿ بِسَلاَمٍ ﴾ بأمن وسلامة ﴿ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وعلى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ﴾ وهم الذين كانوا معه في السفينة.
وقال أكثر المفسّرين : معناه وعلى قرون تجيء من ذريّة من معك من الذين آمنوا معك من ولدك، وهم المؤمنون وأهل السعادة من ذريته ﴿ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ﴾ في الدنيا ﴿ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا ﴾ في الآخرة ﴿ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ وهم الكافرون وأهل الشقاوة. وقال محمد بن كعب القرضي : داخل في ذلك السلام كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة، وكذلك داخل في ذلك العذاب والمتاع كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة.
قال الضحاك : زعم أُناس إن من غرق من الولدان مع آبائهمن وإنّما ليس كذلك وإنّما الولدان بمنزلة الطير، وسائر من أغرق الله يعود لابنه ولكن حضرت آجالهم فماتوا لآجالهم والمذكورين من الرجال والنساء ممّن كان الغرق عقوبة من الله لهم في الدنيا ثم مصيرهم إلى النار.


الصفحة التالية
Icon