وقال ابن الجوزى فى الآيات السابقة :
﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (٤٥) ﴾
قوله تعالى :﴿ رب إِنَّ ابني من أهلي ﴾ إِنما قال نوح هذا، لأن الله تعالى وعده نجاة أهله، فقال :﴿ وإِن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين ﴾ قال ابن عباس : أعدل العادلين.
وقال ابن زيد : فأنت أحكم الحاكمين بالحق.
واختلفوا في هذا الذي سأل فيه نوح على قولين.
أحدهما : أنه ابن نوح لصلبه، قاله ابن عباس، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والضحاك، والجمهور.
والثاني : أنه ولد على فراشه لغير رِشدة ولم يكن ابنه.
روى ابن الأنباري باسناده عن الحسن أنه قال : لم يكن ابنَه، إِن امرأته فجرت.
وعن الشعبي قال : لم يكن ابنه، إِن امرأته خانته، وعن مجاهد نحو ذلك.
وقال ابن جريج : ناداه نوح وهو يحسب أنه ابنه، وكان وُلد على فراشه.
فعلى القول الأول، يكون في معنى قوله :﴿ إِنه ليس من أهلك ﴾ قولان :
أحدهما : ليس من أهل دينك.
والثاني : ليس من أهلك الذين وعدتك نجاتهم.
قال ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط، وإِنما المعنى : ليس من أهلك الذين وعدتك نجاتهم.
وعلى القول الآخر : الكلام على ظاهره، والأول أصح، لموافقته ظاهر القرآن، ولاجتماع الأكثرين عليه، وهو أولى من رمي زوجة نبي بفاحشة.
قوله تعالى :﴿ إِنه عملٌ غيرُ صالح ﴾ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة :"إِنه عملٌ" رفع منون "غيرُ صالح" برفع الراء، وفيه قولان :
أحدهما : أنه يرجع إِلى السؤال فيه، فالمعنى : سؤلك إِياي فيه عمل غير صالح، قاله ابن عباس، وقتادة، وهذا ظاهر، لأنه قد تقدم السؤال فيه في قوله :"رب إِن ابني من أهلي" فرجعت الكناية إِليه.
والثاني : أنه يرجع إِلى المسؤول فيه.
وفي هذا المعنى قولان.
أحدهما : أنه لغير رِشدة، قاله الحسن.