وقال أبو السعود :
﴿ وَإِلَى عَادٍ ﴾
متعلقٌ بمضمر معطوفٌ على قوله تعالى :﴿ أرسلنا ﴾ في قصة نوحٍ وهو الناصبُ لقوله تعالى :﴿ أَخَاهُم ﴾ أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم أي واحداً منهم في النسَب كقولهم : يا أخا العرب، وتقديمُ المجرورِ على المنصوب هاهنا للحِذارِ عن الإضمار قبل الذكر، وقيل : متعلّقٌ بالفعل المذكورِ فيما سبق وأخاهم معطوفٌ على نوحاً وقد مر في سورة الأعراف وقوله تعالى :﴿ هُوداً ﴾ عطفُ بيانٍ لأخاهم وكان عليه الصلاة والسلام من جملتهم فإن هودُ بنُ عبدِ اللَّه بنِ رباحِ بن الخلود بن العوص بن إرمَ بنِ سامِ بنِ نوحٍ عليه الصلاة والسلام، وقيل : هودُ بنُ شالح بنِ أرفخشذَ بنِ سامِ بن نوحٍ بنِ عمّ أبي عاد، وإنما جعل منهم لأنهم أفهمُ لكلامه وأعرفُ بحاله وأرغبُ في اقتفائه ﴿ قَالَ ﴾ لما كان ذكرُ إرسالِه عليه الصلاة والسلام إليهم مظنةً للسؤال عما قال لهم ودعاهم إليه أُجيب عنه بطريق الاستئنافِ فقيل :﴿ يَا قَوْمِ اعْبدُوا الله ﴾ أي وحده كما ينبىء عنه قوله تعالى :﴿ مَا لَكُم مِّنْ إله غَيرُهُ ﴾ فإنه استئنافٌ يجري مَجرى البيان للعبادة المأمورِ بها، والتعليلُ للأمر بها كأنه قيل : خُصّوه بالعبادة ولا تشركوا به شيئاً، إذ ليس لكم من إله سواه، وغيرُه بالرفع صفةٌ لإله باعتبار محلِّه وقرىء بالجر حملاً له على لفظه ﴿ إِن أَنْتُم ﴾ ما أنتم باتخاذكم الأصنامَ شركاءَ له أو بقولكم : إن الله أمرنا بعبادتها ﴿ إلاَّ مُفْتَرُون ﴾ عليه تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ﴿ يَا قَومِ لاَ أَسْأَلُكُم عَلَيهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي ﴾ خاطبَ به كلُّ نبيَ قومَه إزاحةً لما عساهم يتوهّمونه وإمحاضاً للنصيحة فإنها ما دامت مشوبةً بالمطامع بمعزل عن التأثير، وإيرادُ الموصولِ للتفخيم، وجعلُ الصلةِ فعلَ الفطرةِ لكونه أقدامَ النعمِ الفائضةِ من جناب الله تعالى المستوجبةِ للشكر الذي لا يتأتى إلا بالجرَيان على موجب أمرِه الغالبِ