وقال أبو حيان :
﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾
وقرأ الجمهور : فإن تولوا أي تتولوا مضارع تولى.
وقرأ الأعرج وعيسى الثقفي : تولوا بضم التاء، واللام مضارع ولّى، وقيل : تولوا ماض ويحتاج في الجواب إلى إضمار قول، أي : فقل لهم قد أبلغتكم، ولا حاجة تدعو إلى جعله ماضياً وإضمار القول.
وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون تولوا فعلاً ماضياً، ويكون في الكلام رجوع من غيبة إلى خطاب أي : فقد أبلغتكم انتهى.
فلا يحتاج إلى إضمار، والظاهر أنّ الضمير في تولوا عائد على قوم هود، وخطاب لهم من تمام الجمل المقولة قبل.
وقال التبريزي : هو عائد على كفار قريش، وهو من تلوين الخطاب، انتقل من خطاب قوم هود إلى الإخبار عمن بحضرة الرسول ( ﷺ )، وكأنه قيل : أخبرهم عن قصة قوم هود، وادعهم إلى الإيمان بالله لئلا يصيبهم كما أصاب قوم هود، فإن تولوا فقل لهم : قد أبلغتكم.
وجواب الشرط هو قوله : فقد أبلغتكم، وصح أن يكون جواباً، لأن في إبلاغه إليهم رسالته تضمن ما يحل بهم من العذاب المستأصل، فكأنه قيل : فإن تتولوا استؤصلتم بالعذاب.
ويدل على ذلك الجملة الخبرية وهي قوله : ويستخلف ربي قوماً غيركم.
وقال الزمخشري :( فإن قلت ) : الإبلاغ كان قبل التولي، فكيف وقع جزاء للشرط؟ ( قلت ) : معناه فإن تولوا لم أعاقب على تفريط في الإبلاغ، فإنّ ما أرسلت به إليكم قد بلغكم فأبيتم إلا تكذيب الرسالة وعداوة الرسول.
وقال ابن عطية : المعنى أنه ما عليّ كبيرهم منكم إن توليتم فقد برئت ساحتي بالتبليغ، وأنتم أصحاب الذنب في الإعراض عن الإيمان.
وقرأ الجمهور : ويستخلف بضم الفاء على معنى الخبر المستأنف أي : يهلككم ويجيء بقوم آخرين يخلفونكم في دياركم وأموالكم.


الصفحة التالية
Icon