وجوز أبو البقاء كون ذلك تسكيناً لتوالي الحركات، وقرأ عبد الله كذلك، ويجزم قوله سبحانه :﴿ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا ﴾، وقيل : إن من جزم الأول جزم هذا لعطفه عليه وهو الظاهر، والمعنى لا تضرونه بهلاككم شيئاً أي لا ينتقص ملكه ولا يختل أمره، ويؤيد هذا ما روي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قرأ ولا تنقصونه شيئاً، ونصب ﴿ شَيْئاً ﴾ على أنه مفعول مطلق لتضرون أي شيئاً من الضرر لأنه لا يتعدى لاثنين، وجعله بعضهم مفعولاً ثانياً مفسراً له بما يتعدى لهما لمكان الرواية، وجوز ابن عطية أن يكون المعنى إنكم لا تقدرون إذا أهلككم على إضراره بشيء ولا على الانتصار منه ولا تقابلون فعله بشيء يضره تعالى عن ذلك علواً كبيراً، والأول أظهر، وقدر بعضهم التولي بدل الإهلاك أي ولا تضرونه بتوليكم شيئاً من الضرر لاستحالة ذلك عليه سبحانه :﴿ إِنَّ رَبّى على كُلّ شَىْء حَفِيظٌ ﴾ أي رقيب محيط بالأشياء علماً فلا يخفى عليه أعمالكم ولا يغفل عن مؤاخذتكم.
فالحفظ كناية عن المجازاة، ويجوز أن يكون الحفيظ بمعنى الحافظ بمعنى الحاكم المستولي أي أنهس بحانه حافظ مستول على كل شيء، ومن شأه ذلك كيف يضره شيء. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٢ صـ ﴾