وقال ابن عطية :
﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ﴾
التقدير : وأرسلنا إلى ثمود وقد تقدم القول في مثل هذا وفي معنى الأخوة في قصة هود.
وقرأ الجمهور :" وإلى ثمودَ " بغير صرف، وقرأ ابن وثاب والأعمش " وإلى ثمود " بالصرف حيث وقع، فالأولى على إرادة القبيلة، والثانية على إرادة الحي، وفي هذه الألفاظ الدالة على الجموع ما يكثر فيه إرادة الحي كقريش وثقيف وما لا يقال فيه بنو فلان ؛ وفيها ما يكثر فيه إرادة القبيلة كتميم وتغلب، ألا ترى أنهم يقولون تغلب ابنة وائل، وقال الطرماح :[ الطويل ]
" إذا نهلت منه تميم وعلّت "... وقال الآخر :[ المتقارب ]
" تميم ابن مر وأشياعها "... وفيها ما يكثر فيه الوجهان كثمود وسبأ، فالقراءتان هنا فصيحتان مستعملتان. وقرأت فرقة " غيرُه " برفع الراء، وقد تقدم آنفاً.
و﴿ أنشأكم من الأرض ﴾، أي اخترعكم وأوجدكم، وذلك باختراع آدم عليه السلام : فكأن إنشاء آدم إنشاء لبنيه. ﴿ واستعمركم ﴾، أي اتخذكم عماراً، كما تقول : استكتب واستعمل. وذهب قوم إلى أنها من العمر أي عمركم، وقد تقدم مثل قوله :﴿ فاستغفروه ثم توبوا إليه ﴾.
﴿ إن ربي قريب مجيب ﴾، أي إجابته وغفرانه قريب ممن آمن وأناب، و﴿ مجيب ﴾، معناه بشرط المشيئة والظاهر الذي حكاه جمهور المفسرين أن قوله :﴿ مرجواً ﴾ معناه : مسوداً ؛ نؤمل فيك أن تكون سيداً سادّاً مسدّ الأكابر، ثم قرروه على جهة التوبيخ في زعمهم بقولهم :﴿ أتنهانا ﴾ وحكى النقاش عن بعضهم أنه قال : معناه حقيراً.