وقوله ﴿ ولا تمسوها بسوء ﴾ عام في العقر وغيره، وقوله :﴿ فيأخذكم عذاب قريب ﴾ هذا بوحي من الله إليه أن قومك إذا عقروا الناقة جاءهم عذاب قريب المدة من وقت المعصية، وهي الأيام الثلاثة التي فهمها صالح عليه السلام من رغاء الفصيل على جبل القارة. وأضاف العقر إلى جميعهم لأن العاقر كان منهم وكان عن رضى منهم وتمالؤ، وعاقرها قدار، وروي في خبر ذلك أن صالحاً أوحى الله إليه أن قومك سيعقرون الناقة وينزل بهم العذاب عند ذلك، فأخبرهم بذلك فقالوا : عياذاً بالله أن نفعل ذلك، فقال : إن لم تفعلوا أنتم ذلك أوشك أن يولد فيكم من يفعله، وقال لهم : صفة عاقرها أحمر أزرق أشقر، فجعلوا الشرط مع القوابل وأمروهم بتفقد الأطفال، فمن كان على هذه الصفة قتل، وكان في المدينة شيخان شريفان عزيزان، وكان لهذا ابن ولهذا بنت، فتصاهرا فولد بين الزوجين قدار، على الصفة المذكورة، فهم الشرط بقتله، فمنع منه جداه حتى كبر، فكان الذي عقرها بالسيف في عراقيبها، وقيل : بالسهم في ضرعها وهرب فصيلها عن ذلك، فصعد على جبل يقال له القارة، فرغاً ثلاثاً، فقال صالح : هذا ميعاد ثلاثة أيام للعذاب، وأمرهم قبل رغاء الفصيل أن يطلبوه عسى أن يصلوا إليه فيندفع عنه العذاب به، فراموا الصعود إليه في الجبل، فارتفع الجبل في السماء حتى ما تناله الطير، وحينئذ رغا الفصيل.
وقوله ﴿ في داركم ﴾ هي جمع دارة كما تقول ساحة وساح وسوح، ومنه قول أمية بن أبي الصلت :[ الوافر ]
له داع بمكةَ مشمعلّ... وآخر عند دارته ينادي
ويمكن أن يسمى جميع مسكن الحي داراً، و" الثلاثة الأيام " تعجيز قاس الناس عليه الاعذار إلى المحكوم عليه ونحوه.


الصفحة التالية