ولما ذكر نجاتهم من كل هلكة، ذكر نجاتهم من خصوص ما عذب به قومهم فقال :﴿ومن﴾ أي ونجيناهم من ﴿خزي﴾ أي ذل وفضيحة ﴿يومئذ﴾ أي يوم إذ جاء أمرنا بإهلاكهم بالصيحة وحل بهم دونهم فرقاً بين أوليائنا وأعدائنا، وحذف " نجينا " هنا يدل على أن عذابهم دون عذاب عاد ؛ ثم عقب ذلك بتعليله إهلاكاً وإنجاء باختصاصه بصفات القهر والغلبة والانتقام فقال :﴿إن ربك﴾ أي المحسن إليك كما أحسن إلى الأنبياء من قبلك ﴿هو﴾ أي وحده ﴿القوي﴾ فهو يغلب كل شيء ﴿العزيز﴾ أي القادر على منع غيره من غير أن يقدر أحد عليه أو على الامتناع منه، من عز الشيء أي امتنع، ومنه العزاز - للأرض الصلبة الممتنعة بذلك عن التصرف فيها ؛ والخزي : العيب الذي تظهر فضيحته ويستحي من مثله ؛ ثم بين إيقاعه بأعدائه بعد إنجائه لأوليائه فقال معظماً للأخذ بتذكير الفعل :﴿وأخذ الذين ظلموا الصيحة﴾ وأشار إلى عظمة هذه الصيحة بإسقاط علامة التأنيث وسبب عنها قوله :﴿فأصبحوا في ديارهم جاثمين﴾ أي ساقطين على وجوههم، وقيل : جاثين على الركب موتى لا حراك بهم، وتقدم سر التعبير بالديار مع الصيحة والدار مع الرجفة في الأعراف، وخصت هود بما ذكر فيها لأن مقصودها أعظم نظر إلى التفصيل، وكل من الديار والصيحة أقرب إلى ذلك.