ثم قال تعالى :﴿وامرأته قَائِمَةٌ﴾ يعني سارة بنت آزر بن باحورا بنت عم إبراهيم عليه السلام، وقوله :﴿قَائِمَةً﴾ قيل : كانت قائمة من وراء الستر تستمع إلى الرسل، لأنها ربما خافت أيضاً.
وقيل : كانت قائمة تخدم الأضياف وإبراهيم عليه السلام جالس معهم، ويأكد هذا التأويل قراءة ابن مسعود ﴿وامرأته قَائِمَةٌ﴾ وهو قاعد.
ثم قال تعالى :﴿فَضَحِكَتْ فبشرناها بإسحاق﴾ واختلفوا في الضحك على قولين : منهم من حمله على نفس الضحك، ومنهم من حمل هذا اللفظ على معنى آخر سوى الضحك.
أما الذين حملوه على نفس الضحك فاختلفوا في أنها لم ضحكت، وذكروا وجوهاً : الأول : قال القاضي إن ذلك السبب لا بد وأن يكون سبباً جرى ذكره في هذه الآية، وما ذاك إلا أنها فرحت بزوال ذلك الخوف عن إبراهيم عليه السلام حيث قالت الملائكة :﴿لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمِ لُوطٍ﴾ وعظم سرورها بسبب سروره بزوال خوفه، وفي مثل هذه الحالة قد يضحك الإنسان، وبالجملة فقد كان ضحكها بسبب قول الملائكة لإبراهيم عليه السلام ﴿لاَ تَخَفْ﴾ فكان كالبشارة، فقيل لها : نجعل هذه البشارة بشارتين، فكما حصلت البشارة بزوال الخوف، فقد حصلت البشارة أيضاً بحصول الولد الذي كنتم تطلبونه من أول العمر إلى هذا الوقت وهذا تأويل في غاية الحسن.
الثاني : يحتمل أنها كانت عظيمة الإنكار على قوم لوط لما كانوا عليه من الكفر والعمل الخبيث، فلما أظهروا أنهم جاؤا لإهلاكهم لحقها السرور فضحكت.
الثالث : قال السدي قال إبراهيم عليه السلام لهم :﴿أَلا تَأْكُلُونَ﴾ قالوا : لا نأكل طعاماً إلا بالثمن، فقال : ثمنه أن تذكروا اسم الله تعالى على أوله وتحمدوه على آخره، فقال جبريل لميكائيل عليهما السلام :"حق لمثل هذا الرجل أن يتخذه ربه خليلاً" فضحكت امرأته فرحاً منها بهذا الكلام.


الصفحة التالية
Icon