وقال الآلوسى :
﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ ﴾
أي الخوف والفزع، قال الشاعر
: إذا أخذتها هزة ( الروع ) أمسكت...
بمنكب مقدام على الهول أروعا
والفعل راع، ويتعدى بنفسه كما في قوله
: ( ما راعني ) إلا حمولة أهلها...
وسط الديار تسف حب الخمخم
والروع بضم الراء النفس وهي محل الروع، والفاء لربط بعض أحوال إبراهيم عليه السلام ببعض غب انفصالها بما ليس بأجنبي من كل وجه بل له مدخل في السياق والسباق، وتأخر الفاعل عن الظرف لكونه مصب الفائدة، والمعنى لما زال عنه ما كان أوجسه منهم من الخيفة وأطمأنت نفسه بالوقوف على جلية أمرهم ﴿ وَجَاءتْهُ البشرى يجادلنا فِى قَوْمِ لُوطٍ ﴾ أي يجادل رسلنا في حالهم وشأنهم، ففيه مجاز في الإسناد، وكانت مجادلته عليه السلام لهم ما قصه الله سبحانه في قوله سبحانه في سورة العنكبوت :﴿ وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا إبراهيم بالبشرى قَالُواْ إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هذه القرية إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظالمين قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً ﴾ [ العنكبوت : ٣١، ٣٢ ] فقوله عليه السلام :﴿ إِنَّ فِيهَا لُوطاً ﴾ مجادلة وعد ذلك مجادلة لأن مآله على ما قيل : كيف تهلك قرية فيها من هو مؤمن غير مستحق للعذاب؟ ولذا أجابوه بقولهم :﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امرأته ﴾ [ العنكبوت : ٣٢ ] وهذا القدر من القول هو المتيقن.
وعن حذيفة أنهم لما قالوا لع عليه السلام ما قالوا، قال : أرأيتم إن كان فيها خمسون من المسلمين أتهلكونها؟ قالوا : لا، قال : فثلاثون؟ قالوا : لا، قال : فعشرون، قالوا : لا، قال : فإن كان فيهم عشرة.


الصفحة التالية
Icon