قلنا : قال صاحب "الكشاف" : قرىء ﴿أَوْ آوِى﴾ بالنصب بإضمار أن، كأنه قيل لو أن لي بكم قوة أو آوياً.
واعلم أن قوله :﴿لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً أَوْ اوِى إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ لا بد من حمل كل واحد من هذين الكلامين على فائدة مستقلة، وفيه وجوه : الأول : المراد بقوله :﴿لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً﴾ كونه بنفسه قادراً على الدفع وكونه متمكناً إما بنفسه وإما بمعاونة غيره على قهرهم وتأديبهم، والمراد بقوله :﴿أَوْ آوِى إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ هو أن لا يكون له قدرة على الدفع لكنه يقدر على التحصن بحصن ليأمن من شرهم بواسطته.
الثالث : أنه لما شاهد سفاهة القوم وإقدامهم على سوء الأدب تمنى حصول قوة قوية على الدفع، ثم استدرك على نفسه وقال : بلى الأولى أن آوى إلى ركن شديد وهو الاعتصام بعناية الله تعالى، وعلى هذا التقدير فقوله :﴿أَوْ اوِى إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ كلام منفصل عما قبله ولا تعلق له به، وبهذا الطريق لا يلزم عطف الفعل على الاسم، ولذلك قال النبي عليه السلام :" رحم الله أخي لوطاً كان يأوي إلى ركن شديد ". أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٨ صـ ٢٦ ـ ٢٩﴾


الصفحة التالية
Icon