واعلم أن القراءة بالرفع أقوى، لأن القراءة بالنصب تمنع من خروجها مع أهله لكن على هذا التقدير الاستثناء يكون من الأهل كأنه أمر لوطاً بأن يخرج بأهله ويترك هذه المرأة فإنها هالكة مع الهالكين وأما القراءة بالنصب فإنها أقوى من وجه آخر، وذلك لأن مع القراءة بالنصب يبقى الاستثناء متصلاً ومع القراءة بالرفع يصير الاستثناء منقطعاً.
ثم بين الله تعالى أنهم قالوا : إنه مصيبها ما أصابهم.
والمراد أنه مصيبها ذلك العذاب الذي أصابهم.
ثم قالوا :﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصبح﴾ روي أنهم لما قالوا : للوط عليه السلام :﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصبح﴾ قال أريد أعجل من ذلك بل الساعة فقالوا :﴿أَلَيْسَ الصبح بِقَرِيبٍ﴾ قال المفسرون : إن لوطاً - عليه السلام - لما سمع هذا الكلام خرج بأهله في الليل.
﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ ﴾
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
في الأمر وجهان : الأول : أن المراد من هذا الأمر ما هو ضد النهي ويدل عليه وجوه : الأول : أن لفظ الأمر حقيقة في هذا المعنى مجاز في غيره دفعاً للاشتراك.
الثاني : أن الأمر لا يمكن حمله ههنا على العذاب، وذلك لأنه تعالى قال :﴿فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عاليها سَافِلَهَا﴾ وهذا الجعل هو العذاب، فدلت هذه الآية على أن هذا الأمر شرط والعذاب جزاء، والشرط غير الجزاء، فهذا الأمر غير العذاب، وكل من قال بذلك قال إنه هو الأمر الذي هو ضد النهي.
والثالث : أنه تعالى قال : قبل هذه الآية ﴿إِنَّا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمِ لُوطٍ﴾ [ هود : ٧٠ ] فدل هذا على أنهم كانوا مأمورين من عند الله تعالى بالذهاب إلى قوم لوط وبإيصال هذا العذاب إليهم.


الصفحة التالية