وقال البيضاوى :
﴿ وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إبراهيم ﴾ يعني الملائكة، قيل : كانوا تسعة، وقيل ثلاثة جبريل وميكائيل وإسرافيل. ﴿ بالبشرى ﴾ ببشارة الولد. وقيل بهلاك قوم لوط. ﴿ قَالُواْ سَلاَماً ﴾ سلمنا عليك سلاماً ويجوز نصبه ب ﴿ قَالُواْ ﴾ على معنى ذكروا سلاماً. ﴿ قَالَ سلام ﴾ أي أمركم أو جوابي سلام أو وعليكم سلام، رفعه إجابة بأحسن من تحيتهم. وقرأ حمزة والكسائي "سلم" وكذلك في "الذاريات" وهما لغتان كحرم وحرام وقيل المراد به الصلح. ﴿ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ﴾ فما أبطأ مجيئه به، أو فما أبطأ في المجيء به، أو فما تأخر عنه والجار في ﴿ أن ﴾ مقدر أو محذوف والحنيذ المشوي بالرضف. وقيل الذي يقطر ودكه من حنذت الفرس إذا عرفته بالجلال لقوله :﴿ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ﴾ ﴿ فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ ﴾ لا يمدون إليه أيديهم. ﴿ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ﴾ أنكر ذلك منهم وخاف أن يريدوا به مكروهاً، ونكر وأنكر واستنكر بمعنى والإِيجاس الإِدراك وقيل الإِضمار ﴿ قَالُواْ ﴾ له لما أحسوا منه أثر الخوف. ﴿ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمِ لُوطٍ ﴾ إنا ملائكة مرسلة إليهم بالعذاب، وإنما لم نمد إليه أيدينا لأنا لا نأكل.
﴿ وامرأته قَائِمَةٌ ﴾ وراء الستر تسمع محاورتهم أو على رؤوسهم للخدمة. ﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ سروراً بزوال الخيفة أو بهلاك أهل الفساد أو بإصابة رأيها فإنها كانت تقول لإِبراهيم : اضمم إليك لوطاً فإني أعلم أن العذاب ينزل بهؤلاء القوم. وقيل فضحكت فحاضت قال الشاعر :
| وَعَهْدِي بِسَلْمَى ضَاحِكَاً فِي لُبَابَة | وَلَمْ يَعْدُ حُقَاً ثَدْيُهَا أَنْ تَحَلَّمَا |