وقيل : الحنيذ الذي يقطر دسماً لقوله :﴿ بعجل سمين ﴾ [ الذاريات : ٢٦ ] تقول : حنذت الفرس إذا ألقيت عليها الجل حتى يقطر عرقاً ﴿ فلما رأى أيديهم لا تصل إليه ﴾ إلى العجل أو الطعام ﴿ نكرهم ﴾ أي أنكرهم واستنكر فعلهم ﴿ وأوجس ﴾ أضمر ﴿ منهم خيفة ﴾ لأنه ما كان يعرف أنهم ملائكة وكان من عادة العرب أنه إذا نزل بهم الضيف ولم يتناول طعامهم وتوقعوا منه المكروه والشر. وقيل : إنه كان ينزل في طرف من الأرض بعيد عن الناس، فلما امتنعوا من الأكل خاف أن يريدوا به شراً. وقيل : إنه كان يعرف أنهم ملائكة الله لقولهم :﴿ لا تخف ﴾. ﴿ وإنا أرسلنا إلى قوم لوط ﴾ لم يقولوا لا تخف إنا ملائكة بل ذكروا سبب الإرسال وهو إهلاك قوم لوط. وعلى هذا فإنما خاف أن يكون نزولهم لأمر أنكره الله أو لتعذيب قومه، والاحتمال الأول وهو أنه كان لا يعرف أنهم ملائكة أقرب بدليل إحضاره الطعام واستدلاله بترك أكلهم على توقع الشر منهم. وإنما ذكروا سبب الإرسال إيجازاً واختصاراً لدلالة الإرسال على كونهم رسلاً لا أضافياً. وإنما أتوه على صورة الأضياف ليكونوا على صفة يحبها لأنه كان مشغوفاً بالضيافة. وبم عرف الملائكة خوفه؟ قيل : بالتغير في وجهه أو بتعريف الله، أو علموا أن علمه بأنهم ملائكة موجب للخوف لأنهم كانوا لا ينزلون إلا بعذاب ﴿ وامرأته ﴾ وهي سارة بنت هاران بن ناحورا بنت عم إبراهيم ﴿ قائمة ﴾ وراء الستر تسمع تحاورهم، أو كانت قائمة على رؤوسهم تخدمهم وهو قعود ﴿ فضحكت ﴾.