﴿ ولما جاءت رسلنا ﴾ المذكورون ﴿ لوطاً سيء بهم ﴾ أصله " سوىء " لأنه من ساءه يسوءه نقيض سره يسره، نقلت الكسرة إلى الفاء وأبدلت العين ياء، ومن قرأ ﴿ سيء ﴾ بإبدال العين ياء مكسورة فلكراهة اجتماع الواو والهمزة. ﴿ وضاق بهم ذرعاً ﴾ قال الأزهري : الذرع يوضع موضع الطاقة وأصله أن البعير يذرع بيده في سيره على قدر سعة خطوه، فإذا حمل عليه أكثر من طاقته ضاق ذرعه عن ذلك فجعل ضيق الذرع عبارة عن قلة الوسع والطاقة، وربما قالوا ضقت بالأمر ذرعاً. ﴿ وقال هذا يوم عصيب ﴾ أي شديد من العصب الشد كأنه أريد اشتداد ما فيه من الأمور. عن ابن عباس : انطلقوا من عند إبراهيم إلى لوط وبين القريتين أربعة فراسخ ودخلوا عليه على صورة شباب مرد من بني آدم في غاية الحسن، ولم يعرف لوط أنهم ملائكة الله فساءه مجيئهم واغتم لذلك لأنه خاف عليهم خبث قومه وأن يعجز عن مقاومتهم. وقيل : سبب المساءة أنه لم يكن قادراً على القيام بحق ضياقتهم لأنه ما كان يجد ما ينفق عليهم. وقيل : السبب أن قومه منعوه عن إدخال الضيف داره. وقيل : عرف أنهم ملائكة جاؤوا لإهلاك قومه فرق قلبه على قومه. والصحيح هو الأول. يروى أنه تعالى قال لهم : لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات. فلما مشى معهم منطلقاً به إلى منزله قال لهم : أما بلغكم أمر هذه القرية قالوا : وما أمرهم؟ قال : أشهد بالله إنها لشر قرية في الأرض عملاً - يقول ذلك أربع مرات - فدخلوا معه منزله ولم يعلم بذلك أحد فخرجت امرأته فأخبرت بهم قومها فذلك قوله :﴿ وجاءه قومه يهرعون إليه ﴾ قال أبو عبيدة : يستحثون إليه كأنه يحث بعضهم بعضاً. وقال الجوهري : الإهراع الإسراع. وأهرع الرجل على ما لم يسم فاعله فهو مهرع إذا كان يرعد من حمى أو غضب أو فزع. وقيل : إنما لم يسم فاعله للعلم به. والمعنى أهرعه خوفه أو حرصه. ثم بين إسراعهم إنما كان لأجل العمل الخبيث فقال :﴿ ومن قبل كانوا يعملون السيئات ﴾