وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ قالوا يا لوط إنا رُسُل ربِّك لن يصلوا إليك ﴾
وفي اسمه وجهان :
أحدهما : أنه اسم أعجمي وهو قول الأكثيرين. الثاني : أنه اسم عربي مأخوذ من قولهم : لطتُ الحوض إذا ملسته بالطين. وقيل إن لوطاً كان قائماً على بابه يمنع قومه من أضيافه، فلما أعلموه أنهم رسل ربه مكّن قومه من الدخول فطمس جبريل عليه السلام على أعينهم فعميت، وعلى أيديهم فجفت.
﴿ فأسْرِ بأهلك ﴾ أي فسِرْ بأهلك ليلاً، والسُري سير الليل، قال عبد الله بن رواحة :
عند الصباح يحمد القوم السُرَى... وتنجلي عنهم غيابات الكرى
يقال وأسرى وفيها وجهان :
أحدهما : أن معناهما في سير الليل واحد.
الثاني : أن معناهما مختلف، فأسرى إذا سار من أول الليل، وسرى إذا سار في آخره، ولا يقال في النهار إلا سار، قال لبيد :
إذا المرءُ أسرى ليلة ظن أنه... قضى عملاً، والمرءُ ما عاش عامِلُ
﴿ بقطعٍ من الليل ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : معناه سواد الليل، قاله قتادة.
الثاني : أنه نصف الليل مأخوذ من قطعه نصفين، ومنه قول الشاعر :
ونائحةٍ تنوح بقطع ليل... على رجلٍ بقارعة الصّعيد
الثالث : أنه الفجر الأول، قاله حميد بن زياد. الرابع : أنه قطعة من الليل، قاله ابن عباس. ﴿ ولا يلتفت منك أحد ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : لا ينظر وراءه منكم أحد، قاله مجاهد. الثاني : يعني لا يتخلف منك أحد، قاله ابن عباس :
الثالث : يعني لا يشتغل منكم أحد بما يخلفه من مال أو امتناع، حكاه علي بن عيسى.
﴿ إلا امرأتك إنّه مُصيبها ما أصابهم ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن قوله ﴿ إلا امرأتك ﴾ استثناء من قوله ﴿ فأسر بأهلك بقطع من الليل الا امرأتك ﴾ وهذا قول من قرأ ﴿ إلا امرأتك ﴾ بالنصب.
الثاني : أنه استثناء من قوله ﴿ ولا يلتفت منك أحد إلا امرأتك ﴾ وهو على معنى البدل إذا قرىء بالرفع.


الصفحة التالية
Icon