وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧) ﴾
لما خرجت الملائكة من عند إبراهيم، وكان بين إبراهيم وقرية لوط أربعة فراسخ، جاءوا إلى لوط.
فلما رآهم لوط، وكانوا في صورة غلمان حسان مرد، ﴿ سِىء بِهِمْ ﴾ أي : ساءه مجيئهم، يقال : ساءه يسوءه، وأصل سيء بهم.
سويء بهم، نقلت حركة الواو إلى السين فقلبت الواو ياء، ولما خففت الهمزة ألقيت حركتها على الياء.
وقرأ نافع، وابن عامر، والكسائي، وأبو عمرو بإشمام السين الضم ﴿ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا ﴾ قال الأزهري : الذرع يوضع موضع الطاقة، وأصله أن البعير يذرع بيده في سيره على قدر سعة خطوه : أي يبسطها، فإذا حمل عليه أكثر من طاقته، ضاق ذرعه عن ذلك، فجعل ضيق الذرع كناية عن قلة الوسع والطاقة وشدّة الأمر.
وقيل : هو من ذرعه القيء : إذا غلبه وضاق عن حبسه.
والمعنى : أنه ضاق صدره لما رأى الملائكة في تلك الصورة خوفاً عليهم من قومه، لما يعلم من فسقهم وارتكابهم لفاحشة اللواط ﴿ وَقَالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ ﴾ أي : شديد.
قال الشاعر :
وإنك إن لم ترض بكر بن وائل... يكن لك يوم بالعراق عصيب
يقال عصيب وعصيصب وعصوصب على التكثير، أي : يوم مكروه يجتمع فيه الشر، ومنه قيل : عصبة وعصابة : أي مجتمعو الكلمة، ورجل معصوب : أي مجتمع الخلق ﴿ وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ ﴾ أي : جاءوا لوطاً.
الجملة في محل نصب على الحال.
ومعنى ﴿ يهرعون إليه ﴾ : يسرعون إليه.
قال الكسائي، والفراء، وغيرهما من أهل اللغة : لا يكون الإهراع إلا إسراعاً مع رعدة، يقال : أهرع الرجل إهراعاً : أي أسرع في رعدة من برد أو غضب أو حمى، قال مهلهل :
فجاؤوا يهرعون وهم أسارى... نهودهم على رغم الأنوف
وقيل : يهرعون : يهرولون.


الصفحة التالية
Icon