يقال : خزي الرجل خزاية، أي استحيا أو ذلّ أو هان، وخزي خزياً : إذا افتضح، ومعنى ﴿ في ضيفي ﴾ : في حق ضيفي، فخزي الضيف : خزي للمضيف، ثم وبخهم فقال :﴿ أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ﴾ يرشدكم إلى ترك هذا العمل القبيح، ويمنعكم منه، فأجابوا عليه معرضين عما نصحهم به، وأرشدهم إليه، بقوله :﴿ مَا لَنَا فِى بَنَاتِكَ مِنْ حَقّ ﴾ أي : ما لنا فيهم من شهوة ولا حاجة، لأن من احتاج إلى شيء فكأنه حصل له فيه نوع حق.
ومعنى ما نسبوه إليه من العلم أنه قد علم منهم المكالبة على إتيان الذكور، وشدّة الشهوة إليهم، فهم من هذه الحيثية كأنهم لا حاجة لهم إلى النساء ؛ ويمكن أن يريدوا : أنه لا حق لنا في نكاحهنّ ؛ لأنه لا ينكحهنّ ويتزوج بهن إلا مؤمن، ونحن لا نؤمن أبداً.
وقيل : إنهم كانوا قد خطبوا بناته من قبل فردّهم، وكان من سنتهم أن من خطب فردّ، فلا تحل المخطوبة أبداً ﴿ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ﴾ من إتيان الذكور.
ثم إنه لما علم تصميمهم على الفاحشة، وأنهم لا يتركون ما قد طلبوه ﴿ قَالَ لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً ﴾ وجواب " لو " محذوف.
والتقدير : لدافعتكم عنهم ومنعتكم منهم، وهذا منه عليه السلام على طريق التمني : أي لو وجدت معيناً وناصراً، فسمي ما يتقوّى به قوّة ﴿ أَوْ آوِى إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ عطف على ما بعد " لو " لما فيه من معنى الفعل، والتقدير : لو قويت على دفعكم، أو آويت إلى ركن شديد.
وقرىء "أو آوى" بالنصب عطفاً على قوّة كأنه قال : لو أن لي بكم قوّة، أو إيواء إلى ركن شديد، ومراده بالركن الشديد : العشيرة، وما يمتنع به عنهم هو ومن معه.
وقيل : أراد بالقوّة : الولد، وبالركن الشديد : من ينصره من غير ولده.
وقيل : أراد بالقوّة : قوته في نفسه.


الصفحة التالية
Icon