فذلك تسويمها، ومعنى :﴿ عِندَ رَبّكَ ﴾ في خزائنه ﴿ وَمَا هِى مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ ﴾ أي : وما هذه الحجارة الموصوفة من الظالمين وهم قوم لوط ببعيد، أو ما هي من كل ظالم من الظلمة ومنهم كفار قريش ومن عاضدهم على الكفر بمحمد ﷺ ببعيد، فهم لظلمهم مستحقون لها.
وقيل :﴿ وَمَا هِىَ ﴾ أي : قرى ﴿ مِنَ الظالمين ﴾ من كفر بالنبيّ ﷺ ﴿ بِبَعِيدٍ ﴾ فإنها بين الشام والمدينة.
وفي إمطار الحجارة قولان : أحدهما : أنها أمطرت على المدن حين رفعها جبريل.
والثاني : أنها أمطرت على من لم يكن في المدن من أهلها، وكان خارجاً عنها.
وتذكير البعيد على تأويل الحجارة بالحجر، أو إجراء له على موصوف مذكر : أي شيء بعيد، أو مكان بعيد، أو لكونه مصدراً كالزفير والصهيل، والمصادر يستوي في الوصف بها المذكر والمؤنث.
وقد أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِىء بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا ﴾ قال : ساء ظناً بقومه، وضاق ذرعاً بأضيافه ﴿ وَقَالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ ﴾ يقول : شديد.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عنه، في قوله :﴿ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ ﴾ قال : يسرعون ﴿ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السيئات ﴾ قال : يأتون الرجال.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، أيضاً قال :﴿ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ ﴾ يستمعون إليه.
وأخرج أبو الشيخ، عنه، أيضاً في قوله :﴿ هؤلاء بَنَاتِى ﴾ قال : ما عرض لوط بناته على قومه لا سفاحاً ولا نكاحاً، إنما قال : هؤلاء نساؤكم، لأن النبيّ إذا كان بين ظهراني قوم فهو أبوهم، قال الله تعالى في القرآن :" وأزواجه أمهاتهم وهو أبوهم " في قراءة أبيّ.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن مجاهد، قال : لم تكن بناته ولكن كنّ من أمته، وكل نبيّ أبو أمته.