ظن بعض الفرق أن ما جاء في الحديث الصحيح من قوله ﷺ :< رحم الله لوطاً، لقد كان يأوي إلى ركن شديد > إنكار على لوط عليه السلام. ولا تخالف بين القولين، بل كلاهما حق، لأن لوطاً عليه السلام إنما أراد منعة عاجلة يمنع بها قومه مما هم عليه من الفواحش، من قرابة أو عشيرة أو أتباع مؤمنين. وما جهل قط لوط عليه السلام أنه يأوي من ربه تعالى إلى أمنع قوة، وأشد ركن. ولا جناح على لوط عليه السلام في طلب قوة الناس، فقد قال تعالى :﴿ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ ﴾ [ البقرة : من الآية ٢٥١ ] فهذا الذي طلب لوط عليه السلام. وقد طلب رسول الله ﷺ من الأنصار والمهاجرين منعه حتى يبلغ كلام ربه تعالى. فكيف ينكر على لوط أمراً هو فعله عليه السلام. تالله ما أنكر ذلك رسول الله ﷺ، وإنما أخبر أن لوطاً كان يأوي إلى ركن شديد، يعني من نصر الله له بالملائكة. ولم يكن لوط علم بذلك. ومن اعتقد أن لوطاً كان يعتقد أنه ليس له من الله ركن شديد ؛ فقد كفر، إذ نسب إلى نبي من الأنبياء هذا الكفر. وهذا أيضاً ظن سخيف ؛ إذ من الممتنع أن يظن برب أراه المعجزات، وهو دائباً يدعو إليه، هذا الظن. انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى :
﴿ قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ﴾ [ ٨١ ].