وقال ابن عطية :
﴿ قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ﴾
الضمير في ﴿ قالوا ﴾ ضمير الملائكة، ويروى أن لوطاً لما غلبوه وهموا بكسر الباب وهو يمسكه قالت له الرسل : تنح عن الباب : فتنحى وانفتح الباب فضربهم جبريل عليه السلام بجناحه فطمس أعينهم وعموا، وانصرفوا على أعقابهم يقولون : النجاء النجاء، فعند لوط قوم سحرة، وتوعدوا لوطاً، ففزع حينئذ من وعيدهم، فحينئذ قالوا له :﴿ إنا رسل ربك ﴾ فأمن، ذكر هذا النقاش ؛ وفي تفسير غيره ما يقتضي أن قولهم :﴿ إنا رسل ربك ﴾ كان قبل طمس العيون، ثم أمروه بالسرى وأعلموه أن العذاب نازل بالقوم، فقال لهم لوط : فعذبوهم الساعة، قالوا له :﴿ إن موعدهم الصبح ﴾ أي بهذا أمر الله، ثم أنسوه في قلقه بقولهم :﴿ أليس الصبح بقريب ﴾.
وقرأ نافع وابن كثير " فأسر " من سرى إذا سار في أثناء الليل، وقرأ الباقون " فاسرِ " إذا سار في أول الليل و" القطع " القطعة من الليل، ويحتمل أن لوطاً أسرى بأهله من أول الليل حتى جاوز البلد المقتلع، ووقعت نجاته بسحر فتجتمع هذه الآية مع قوله :﴿ إلا آل لوط نجيناهم بسحر ﴾ [ القمر : ٣٤ ] وبيت النابغة جمع بين الفعلين في قوله :[ البسيط ]
أسرت عليه من الجوزاء سارية... تزجي الشمال عليه جامد البرد
فذهب قوم إلى أن سرى وأسرى بمعنى واحد واحتجوا بهذا البيت.
قال القاضي أبو محمد : وأقول إن البيت يحتمل المعنيين، وذلك أظهر عندي لأنه قصد وصف هذه الديمة، وأنها ابتدأت من أول الليل وقت طلوع الجوزاء في الشتاء.