وقال بعض العلماء : قوله ﴿ وَلاَ تُخْزُونِ ﴾ من الخزاية، وهي الخجل والاستحياء من الفضيحة. أي لا تفعلوا بضيفي ما يكون سبباً في خجلي واستحيائي، ومنه قول ذي الرمة يصف ثوراً وحشياً تطارده الكلاب في جانب حبل من الرمل.
حتى إذا دومت في الأرض راجعة... كرّ ولو ششاء نجى نفسه الهرب
خزاية أدركته بعد جولته... من جانب الحبل مخلوطاً به الغضب
يعني أن هذا الثور لو شاء نجا ن الكلاب بالهرب، ولكنه استحيا وأنف من الهرب فكر راجعاً إليها. ومنه قوله الآخر :
أجاعلة أم الثوير خزاية... على فراري أن لقيت بني عبس
والفعل منه : خزي يخزى، كرضى يرضى. ومنه قول الشاعر :
من البيض لا تخزى إذا الريح ألصقت... بها مرطها أو زايل الحلي جيدها
وقول الآخر :
وإنِّي لا أخزى إذا قيل مملق... سخى وأخزى أن يقال بخيل
وقوله ﴿ لَعَمْرُكَ ﴾ [ الحجر : ٧٢ ] معناه أقسم بحياتك. والله جل وعلا له أن يقسم بما شاء من خلقه، ولم يقسم في القرآن بحياة أحد إلا نبينا محمد ﷺ وفي ذلك من التشريف له ﷺ ما لا يخفى.
ولا يجوز لمخلوق أن يحلف بغير الله، لقوله ﷺ :
" من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ".
وقوله ﴿ لَعَمْرُكَ ﴾ مبتدأ خبره محذوف، أي لعمرك قسمى وسمع عن العرب تقديم الراء على اللام في لعمرك فتقول فيها : رعملكن ومنه قول الشاعر :
رعملك إن الطائر الواقع الذي... تعرض لي من طائر لصدوق
وقوله ﴿ لَفِي سَكْرَتِهِمْ ﴾ [ الحجر : ٧٢ ] اي عماهم وجهلهم وضلالهم. والعمه : عمى القلب، فمعنى ﴿ يَعْمَهُونَ ﴾ [ الحجر : ٧٢ ] يترددون متحيرين لا يعرفون حقاً من باطل، ولا نافعاً من ضار، ولا حسناً من قبيح.
واختلف العلماء في المراد بقول لوط عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام :﴿ هؤلاء بَنَاتِي ﴾ [ هود : ٧٨ ] في الموضعين على أقوال :