أحدها - أنه أراد المدافعة عن ضيفه فقط، ولم يرد إمضاء ما قال، وبهذا قال عكرمة وأبو عبيدة.
الثاني - أن المراد بناته لصلبه، وأن المعنى : دعوا فاحشة اللواط وأزواجكم بناتي. وعلى هذا فتزويج الكافر المسلمة كان جائزاً في شرعه، كما كانت بنات نبينا محمد ﷺ تحت الكفار في أول الإسلام كما هو معروف. وقد أرسلت زينب بنت رسول الله ﷺ عقدها الذي زفتها به أمها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها إلى زوجها أبي العاص بن الربيع، أرسلته إليه في فداء زوجها أبي العاص المذكور لما أسره المسلمون كافراً يوم بدر، والقصة مشهورة، وعقدها الشيخ أحمد البدوي الشنقيطي في مغازية بقوله في غزوة بدر :
وابن الربيع صهر هادي الملة... إذ في فداه زينب أرسلت
بعقدها الذي به أهدتها... له خديجة وزففتها
سرحه بعقدها وعهدا... إليه أن يردها له غدا الخ
القول الثالث - أن المراد بالبنات : جميع نساء قومه، لأن نبي القوم أب ديني لهم، كما يدل له قوله تعالى في نبينا ﷺ :﴿ النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [ الأحزاب : ٦ ] وفي قراءة أبي بن كعب :" وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم " وروي نحوها عن ابن عباس. وبهذا القول قال كثير من العلماء.
وهذا القول تقربه قرينة وتبعده وأخرى. أما القرينة التي تقربه فهي : أن بنات لوط لا تسع جميع رجال قومه كما هو ظاهر، فإذا زوجهن لرجال بقدر عددهم بقي عامة رجال قومه لا أزواج لهم. فيتعين أن المراد عموم نساء قومه، ويدل للعموم قوله :﴿ أَتَأْتُونَ الذكران مِنَ العالمين وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ ﴾ [ الشعراء : ١٦٥- ١٦٦ ] وقوله :﴿ لَتَأْتُونَ الرجال شَهْوَةً مِّن دُونِ النسآء ﴾ [ الأعراف : ٨١ ] ونحو ذلك من الآيات.


الصفحة التالية
Icon