وأما القرينة التي تبعده : فهي أن النَّبي ليس أباً للكافرات، بل أبوة الأنبياء الدينية للمؤمنين دون الكافرين، كما يدل عليه قوله :﴿ النبي أولى بالمؤمنين ﴾ [ الأحزاب : ٦ ] الآية.
وقد صرح تعالى في الذاريات : بأن قوم لوط ليس فيهم مسلم إلا أهل بيت واحد وهو أهل بيت لوط، وذلك في قوله ﴿ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ المسلمين ﴾ [ الذاريات : ٣٦ ].
قوله تعالى :﴿ قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ قَالُواْ يالوط إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يصلوا إِلَيْكَ ﴾.
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة : أن نبيه لوطاً وعظ قومه ونهاهم أن يفضحوه في ضيفه، وعرض عليهم النساء وترك الرجال، فلم يلتفتوا إلى قوله، وتمادوا فيما هم فيه من إرادة الفاحشة فقال لوط :﴿ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً ﴾ الآية. فأخبرته الملائكة بأنهم رسل ربه، وأن الكفار الخبثاء لا يصلون إليه بسوء.
وبين في القمر أنه تعالى طمس أعينهم، وذلك في قوله :﴿ وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾ [ القمر : ٣٧ ].
قوله تعالى :﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ الليل وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امرأتك إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمْ ﴾.
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة : أنه أمر نبه لوطاً أن يسري بأهله بقطع من الليل، ولم يبين هنا هل هو من آخر الليل، أو وسطه أو أوله، ولكنه بين في القمر أن ذلك من آخر الليل وقت السحر، وذلك في قوله :﴿ إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ ﴾ [ القمر : ٣٤ ]. ولم يبين هنا أنه أمره أن يكون من ورائهم وهم أمة، ولكنه بين ذلك في الحجر بقوله :﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ الليل واتبع أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وامضوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ﴾ [ الحجر : ٦٥ ].


الصفحة التالية
Icon