وقوله تعالى :﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امرأتك إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمْ ﴾.
قرأه جمهور القراء ﴿ إِلاَّ امرأتك ﴾ بالنصب، وعليه فالأمر واضح. لأنه استثناء من الأهل، أي أسر بأهلك إلا امرأتك فلا تسر بها، واتركها في قومها فإنها هالكة معهم.
ويدل لهذا الوجه قوله فيها في مواضع. ﴿ كَانَتْ مِنَ الغابرين ﴾ [ الأعراف : ٨٣ ] والغابر : الباقي، أي من الباقين في الهلاك.
وقرأ أبو عمرو وابن كثير ﴿ إِلاَّ امرأتك ﴾ بالرفع على أنه بدل من ﴿ أَحَدٌ ﴾ وعليه فالمعنى : أنه أمر لوطاً أن ينهى جميع أهله عن الالتفات إلا امرأته فإنه أوحى إليه أنها هالكة لا محالة، ولا فائدة في نهيها عن الالتفات لكونها من جملة الهالكين.
وعلى قراءة الجمهور فهو لم يسر بها. وظاهر قراءة ابن عمرو وابن كثير : أنه أسرى بها والتفتت فهلكت.
قال بعض العلماء : لما سمعت هدة العذاب التفتت وقالت : واقوماه. فأدركها حجر فقتلها.
قال مقيدة - عفا الله عنه - الظاهر أن وجه الجمع بين القراءتين المذكوتين أن السر في أمر لوط بأن يسري بأهله هو النجاة من العذاب الواقع صبحاً بقوم لوط، وامرأة لوط مصيبها ذلك العذاب الذي أصاب قومها لا محالة، فنتيجة إسراء لوط بأهله لم تدخل فيها امرأته على كلا القولين، وما لا فائدة فيه كالعدم، فيستوي معنى أنه تركها ولم يسر بها أصلاً، وأنه أسرى بها وهلكت مع الهالكين.
فمعنى القولين راجع إلى أنها هالكة وليس لها نفع في إسراء لوط بأهله. فلا فرق بين كونها بقيت معهم، أو خرجت وأصابها ما أصابهم.
فمعنى القولين راجع إلى أنها هالكة وليس لها نفع في إسراء لوط بأهله. فلا فرق بين كونها بقيت معهم، أو خرجت وأصابها ما أصابهم.
فإذا كان الإسراء مع لوط لم ينجها من العذاب، فهي ومن لم يسر معه سواء - والعلم عند الله تعالى.