وقال الآلوسى :
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ ﴾
أي أولاد مدين بن إبراهيم عليه السلام فحذف المضاف أو جعل اسما بالغلبة للقبيلة وكثيراً ما تسمى القبيلة باسم أبيهم كمضر.
وتميم ولعل هذا أولى، وجوز أن يراد بمدين المدنية التي بناها مدين فسميت به فيقدر حينئذ مضاف أي وإلى أهل مدين ﴿ أخاهم ﴾ نسيبهم ﴿ شُعَيْبًا ﴾ قد مر ما قيل في نسبه عليه السلام، والجملة معطوفة على قوله سبحانه :﴿ وإلى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صالحا ﴾ [ هود : ٦١ ] أي وأرسلنا إلى مدين شعيباً.
﴿ قَلْبٌ يا قوم اعبدوا الله مَا لَكُمْ مّنْ إله غَيْرُهُ ﴾ أمر بالتوحيد على وجه أكيد ولما كان ملاك الأمر قدمه على النهي عما اعتادوه من البخس المنافي للعدل المخل بحكمة التعاوض، وإيصال الحقوق لأصحابها بقوله :﴿ وَلاَ تَنقُصُواْ المكيال والميزان ﴾ قيل : أي لا تنقصوا الناس من المكيال والميزات يعني مما يكال ويوزن على ذكر المحل وإرادة الحال، واستظهر أن المراد لا تنقصوا حجم المكيال عن المعهود وكذا الصنجات، وقد تقدم في الاعراف ﴿ الكيل ﴾ [ الأعراف : ٨٥ ] بدل ﴿ المكيال ﴾ فتذكر وتأمل ﴿ إِنّى أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ ﴾ أي ملتبسين بثروة واسعة تغنيكم عن ذلك أو بنعمة من الله تعالى حقها أن تقابل بغير ما أنتم عليه بأن تتفضلوا على الناس شكراً عليها، فإن أجل شكر النعم الإحسان والتفضل على عباد الله تعالى، أو أراكم بخير وغنى فلا تزيبلوه بما تأتونه من الشر، وعلى كل حال الجملة في موضع التعليل للنهي ؛ وعقب بعلة أخرى أعني قوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon