ويُنهي الحق سبحانه الآية بقوله :
﴿ وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ [ هود : ٨٦ ].
أي : أن شعيباً عليه السلام قد أوضح لأهل مدين : أنا لن أقف على رأس كل مفسد لأمنعه من الإفساد ؛ لأن كل إنسان عليه أن يكون رقيباً على نفسه ما دام قد آمن بالله سبحانه، وما دام قد عرف أن الحق سبحانه قد قال :
﴿ بَقِيَّةُ الله ﴾ [ هود : ٨٦ ].
أي : أن ما يبقى إنما تشيع فيه البركة.
وهذه هي فائدة الإيمان : ما يأمر به وما ينهي عنه.
وهذا أمر يختلف عن القانون الوضعي ؛ لأن عين القانون الوضعي قاصرة عما يخفى من أمور الناس فكأنها تحميهم من الوقوع تحت طائلته.
. أما القانون الإلهي فهو محيط بأحوال الناس المعلنة، والخافية.
ومن يتأمل الآيات الثلاث :
﴿ وإلى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ ياقوم اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ المكيال والميزان إني أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وإني أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ * وياقوم أَوْفُواْ المكيال والميزان بالقسط وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَآءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ * بَقِيَّةُ الله خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ [ هود : ٨٤٨٦ ].
من يتأمل هذه الآيات يجد عناصر الصيانة للحركة في المجتمع كله، والمجتمع إن لم تُصَنْ حركته يفسد ؛ لأن حركة المجتمع أرادها الحق سبحانه حركة تكاملية، لا تكرار فيها ؛ ولو تكررت المواهب لما احتاج أحد إلى مواهب غيره.
والمصلحة العامة تقتضي أن يحتاج كل إنسان إلى موهبة الآخر، فمن يدرس الدكتوراه فهو يحتاج إلى من يكنس الشارع، ومن يعالج الناس ليشفيهم الله نجده يحتاج إلى من يقوم بإصلاح المجاري.
وماذا كان رد أهل مدين على قول شعيب؟. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon