قوله تعالى :( فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ) ( هود : ٨٢ )، وفي صورة الحجر :( فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ) ( الحجر : ٧٤ )، ففي الأولى :( وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا ) والضمير للقرية والمراد أهلها، وفي الثانية :( وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا ) والضمير لقوم لوط فللسائل ( أن يسأل ) عن وجه اختلاف الضمير مع اتحاد المقصود؟ والجواب عن ذلك، والله أعلم : أن كلا من الموضوعين مراعي فيه مناسبة ما تقدمه، ولما تقدم آية الحجر قوله تعالى :( قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ) ( الحجر : ٥٨ )، فذكر قوم لوط موصوفين بالإجرام الموجب لهلاكهم فروعي هذا المتقدم فقيل :( وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا ) ( الحجر : ٧٤ ) ونظير هذا قوله تعالى في سورة الذاريات :( الُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ ) ( الذاريات : ٣٢-٣٣ )، فقيل :( عليهم ) لما تقدم ( قوله ) :( إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ )، وأما آية هود فلم يتقدم فيها مثل هذا، فكتفى بضمير القرية فقيل :( وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا ) ( هود : ٨٢ )،
وأغنى ذلك عن ذكر المهلكين إذ هم المقصودون بالعذاب، فورد كل على ما يناسب، والله أعلم. أ هـ ﴿ملاك التأويل صـ ٢٦١ ـ ٢٦٣﴾


الصفحة التالية
Icon