وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ قال يا قوم ارهطي ﴾ الآية،
" الظهري " الشيء الذي يكون وراء الظهر، وقد يكون الشيء وراء الظهر بوجهين : في الكلام، إما بأن يطرح، كما تقول : جعلت كلامي وراء ظهرك ودبر أذنك ومنه قول الفرزدق :
تميم بن زيد لا تكونن حاجتي... بظهر فلا يعيى عليّ جوابها
وإما بأن يسند إليه ويلجأ. ومن هذا قول النبي ﷺ في دعائه :" وألجأت ظهري إليك " فقال جمهور المتأولين في معنى هذه الآية أنه : واتخذتم الله ظهرياً أي غير مراعى وراء الظهر على معنى الاطراح - ورجحه الطبري.
قال القاضي أبو محمد : وهو عندي على حذف مضاف ولا بد، وقال بعضهم : الضمير في قوله :﴿ واتخذتموه ﴾ عائد على أمر الله وشرعه، إذ يتضمنه الكلام.
وقالت فرقة : المعنى : أترون رهطي أعز عليكم من الله وأنتم تتخذون الله سند ظهوركم وعماد آمالكم.
قال القاضي أبو محمد : فقول الجمهور - على أن كان كفر قوم شعيب جحداً بالله تعالى وجهلاً به. وهذا القول الثاني - على أنهم كانوا يقرون بالخالق الرازق ويعتقدون الأصنام وسائط ووسائل ونحو هذا ؛ وهاتان الفرقتان موجودتان في الكفرة.
ومن اللفظة الاستظهار بالبيّنة، وقد قال ابن زيد :" الظهري " : الفضل، مثل الجمال يخرج معه بإبل ظهارية يعدها إن احتاج إليها وإلا فهي فضلة.
قال القاضي أبو محمد : هذا كله مما يستند إليه.
وقوله ﴿ إن ربي بما تعملون محيط ﴾ خبر في ضمنه توعد. ومعناه محيط علمه وقدرته.
﴿ وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ﴾
﴿ على مكانتكم ﴾ معناه : على حالاتكم، وهذا كما تقول : مكانة فلان في العلم فوق مكانة فلان، يستعار من البقاع إلى المعاني.
وقرأ الحسن وأبو عبد الرحمن وعاصم :" مكانتكم " بالجمع، والجمهور على الإفراد.